الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً } * { وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً } * { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } * { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } * { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِي ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }

قوله: { قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوۤاْ } إلى قوله { وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }.

والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين آمنوا بهذا القرآن أو لا تؤمنوا فإن إيمانكم لا يزيد في خزائن رحمة ربي. وفي الكلام تهدد ووعيد، والمعنى: فإن تكفروا، فإن الذين أوتوا العلم بالله من قبله، أي: من قبل القرآن، يعني به مؤمني أهل الكتاب، إذا يتلى عليهم هذا القرآن، يخرون، تعظيماً له، للأذقان سجداً. قال مجاهد: هم ناس من أهل الكتاب حين سمعوا ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: { سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً }.

وقال ابن زيد { مِن قَبْلِهِ } من قبل النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن جريج: و { إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ } يعني: كتابهم.

وقيل: عني بقوله: { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } محمداً صلى الله عليه وسلم. وقيل: هم قوم من ولد اسماعيل صلى الله عليه وسلم تمسكوا بدينهم إلى بعث محمد صلى الله عليه وسلم منهم زيد بن عمرو بن نفيل. وورقة ابن نوفل.

وقوله: { يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ }.

قال ابن عباس: للوجوه، وكذلك قال قتادة. وقال الحسن " للأذقان " للجبين.

ثم قال: { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً }.

أي: ويخر هؤلاء الذين أوتوا العلم، من مؤمنين أهل الكتاب من قبل نزول القرآن، إذا يتلى عليهم القرآن لأذقانهم يبكون. ويزيدهم وعظ القرآن خشوعاً لله [عز وجل].

وهذه مثل قوله في مريم:إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً } [مريم: 58].

وقوله: { إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً }.

أي: ما كان وعد ربنا من ثواب وعذاب إلا مفعولاً. وقيل: معناه: إن كان وعد ربنا أن يبعث محمداً صلى الله عليه وسلم لمفعولاً.

ثم قال: { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ }.

معنى الآية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ربه فيقول: مرة يا الله، ومرة: يا رحمن. فظن الجاهلون من المشركين أنه يدعو الهين. فأنزل الله عز وجل هذه الآية احتجاجاً عليهم.

قال ابن عباس: سمع المشركون النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في سجوده يا رحمن يا رحيم: فقالوا: [إن] هذا يزعم أنه يدعو واحداً وهو يدعو مثنى مثنى. فأنزل الله [عز وجل] الآية: { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ }.

وروي: أن أبا جهل سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد يقول في دعائه يا الله يا رحمن فقال: يا معشر قريش، محمد ينهانا أن نعبد إلهين وهو يعبد إلهاً آخر يقال له الرحمن، فأنزل الله [عز وجل] الآية.

وقوله: { أَيّاً مَّا تَدْعُواْ }.

ما صلة، و (ايا) منصوب بتدعوا. وتدعوا جزم بالشرط وقيل [ " ما " ] بمعنى أي كررت لاختلاف [اللفظ كما تقول ما إن رأيتكما الليلة.

السابقالتالي
2 3