الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَـٰؤُلاۤءِ إِلاَّ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يٰفِرْعَونُ مَثْبُوراً } * { فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً } * { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } * { وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً } * { وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً }

قوله: { [قَالَ] لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَـٰؤُلاۤءِ إِلاَّ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } إلى قوله: { [وَنَزَّلْنَاهُ] تَنْزِيلاً }.

معناه: قال / موسى لقد علمت يا فرعون أن هذه الآيات ما أنزلها الله إلا بصائر للعباد وتصديق هذه المعاني قوله:وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ } [النمل: 14].

وهذا: على قراءة من قرأ بفتح التاء في " علمت ".

ومن ضم التاء فمعناه: أن موسى صلى الله عليه وسلم يخبر عن نفسه أنه على يقين أن الآيات، الله أنزلها بصائر لعباده. ويكون هذا من موسى صلى الله عليه وسلم جواباً لقول فرعون له:إِنِّي لأَظُنُّكَ يٰمُوسَىٰ مَسْحُوراً } [الإسراء: 101] أي: قد سحرت فلا تدري ما تقول. فقال: موسى لقد علمت أنا أن الله أنزل هذه الآيات بصائر لعباده ولست بمسحور.

ونصب بصائر على الحال أي: أنزلها حججاً وهي جمع بصيرة.

ثم قال: { وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يٰفِرْعَونُ مَثْبُوراً }.

وقال ابن عباس: " مثبوراً " ملعوناً، أي: ممنوعاً من الخير، وهو قول: الضحاك. وقال مجاهد وقتادة: مثبوراً: هالكاً. وقال عطية العوفي: " مثبوراً ": مبدلاً أي مغيراً وقال ابن زيد: " مثبوراً ": مخبولاً لا عقل لك.

وعن الضحاك: " مثبوراً ": مسحوراً. رد [عليه] موسى صلى الله عليه وسلم، مثل ما قاله فرعون بغير اللفظ، والمعنى سواء.

ثم قال [تعالى]: { فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلأَرْضِ }. أي: أراد فرعون أن يزيل موسى وبني إسرائيل من أرض مصر إما بقتل أو غيره { فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً }. ونجينا بني إسرائيل وموسى منه. { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ } أي: من بعد هلاكه { لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ } أي: أرض الشام. { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ } أي: قيام الساعة { جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } أي: مختلطين، قد التف بعضكم على بعض لا تتعارضون، ولا ينحاز أحد منكم إلى قبيلته.

وقال ابن عباس: " لفيفاً ": جميعاً. وقال غيره: [لفيفاً] من كل قوم. وقال قتادة: " لفيفاً " جميعاً أولكم وآخركم، وكذلك قال: الضحاك.

واللفيف جمع لا واحد له كالجميع. وقيل: هو مصدر لففت فلذلك واحد في موضع الجمع.

ثم قال: { وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ }.

أي: أنزل هذا القرآن بالحق لأن فيه الأمر بالعدل والإنصاف والأخلاق الجميلة { وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ } أي: وبذلك نزل من عند الله [عز وجل] على نبيه عليه السلام.

ثم قال: { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً }.

أي: مبشراً بالجنة من أطاعك ومنذراً بالنار من عصاك.

ثم قال تعالى: { وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ }.

قال ابن عباس: " فرقناه " فصلناه. وقيل: معنى [فرقناه] فرقنا به بين الحق والباطل والمؤمن والكافر.

وقرأ: ابن عباس وعكرمة والشعبي وقتادة " فرقناه " بالتشديد على معنى أنزل به آية بعد آية.

السابقالتالي
2