الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ }

قوله: { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً } إلى قوله: { ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ }.

" سبحان " عند الخليل وسيبويه منصوب على المصدر، إلا أنه لا ينصرف لأنه معرفة في آخر[ه] زائدتان. وحكى سيبويه: أن من العرب من ينكره فيصرفه.

وقال أبو عبيدة: هو منصوب على النداء.

وقال بعضهم. هو موضوع موضع المصدر فنصب لوقوعه موقعه، فهو موضع تسبيح.

والتسبيح: يكون [بمعنى الصلاة، ومنه قوله تعالى في يونس:

فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } [الصافات: 143] أي: من المصلين.

وفي لغة لبعض أهل [اليمن]، يستعملونه في معنى الاستثناء، ومنه قوله:أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ } [القلم: 28] أي: تستثنون إذا أقسمتملَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ } [القلم: 17] ولم يستثنوا. فإنما ذكر[هم] بتركهم الاستثناء.

ويستعمل في معنى النور. ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " لولا ذلك لأحرقت سبحات وجهه... " ، أي نور وجهه.

ومعنى " سبحان الله ": براءة الله من السوء. كذلك فسره النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن معنى التسبيح.

وروي عنه أنه " سئل عن معنى سبحان [الله]، فقال: تنزيه لله من كل سوء " وسئل عنها علي [رضي الله عنه] فقال: هي كلمة رضيها الله لنفسه. وعنه أيضاً أنه قال: هي كلمة أحبها الله ورضيها لنفسه فأحب أن تقال.

ومعنى المسجد الحرام [أي]: المسجد الممنوع من الصيد فيه، لأن الحرم ممنع. والحرم كله مسجد.

عن أم هانئ أنها قالت: ما أسري برسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلا وهو [في بيتي].

وقيل: إنما أسري به من المسجد. عن قتادة عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة [وهو رجل من قومه، قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " بينا [أنا] عند البيت بين النائم واليقظان، إذ سمعت قائلاً يقول أحد الثلاثة: فأوتيت بطست من ذهب فيه ماء زمزم، قال: فشرح صدري فاستخرج قلبي فغسل بماء زمزم [ثم] أعيد مكانه ثم خشى إيماناً وحكمة، ثم أتيت بدابة بيضاء يقال لها البراق، فوق الحمار ودون البغل، يضع خطوه أقصى طرفه، فحملت عليه. ثم انطلقنا حتى / [أ]تيت السماء الدنيا " ثم ذكر الحديث بطوله

قال ابن شهاب، أخبرني ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن، " أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به على البراق وهي دابة إبراهيم خليل الرحمن التي كان يزور عليها البيت الحرام يقع حافرها موقع طرفها. قال: فمرت بعير من عيرات قريش بواد من تلك الأودية فنفرت العير، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إيلياء فأتي بقدحين:

قدح خمر، وقدح لبن، فأخذ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قدح اللبن، فقال له جبريل [صلى الله عليه وسلم]: هديت إلى الفطرة لو أخذت قدح الخمر [لـ]ـغوت أمتك. [و] قال ابن شهاب: فأخبرني ابن المسيب أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لقي هنالك إبراهيم وموسى وعيسى، فنعتهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. فقال: أما موسى فَضَرْب، رجل الرأس كأنه من رجال شنوءة. وأما عيسى [فهو] فهو رجل أحمر كأنه خرج من ديماس وأشبه من رأيت به عروة بن مسعود الثقفي. وأما إبراهيم فإنه أشبه ولده به.

فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث قريشاً أنه أُسريَ به، قال عبد الله: فارتد ناس كثير بعدما أسلموا، فأتى أبو بكر الصديق [رضي الله عنه] فقيل له: صاحبكم يزعم أنه أُسريَ به إلى بيت المقدس ثم رجع في ليلة واحدة. قال أبو بكر: [أ]و قال ذلك؟ قالوا: نعم. قال: فاشهد[وا] إن كان كان قال ذلك لقد صدق. قالوا: أفتشهد أنه جاء الشام في ليلة واحدة؟ فقال إني أصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء. قال أبو سلمة: سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول::لما كذبتني قريش قمت فمثل الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه ".


السابقالتالي
2 3 4