الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } * { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ } * { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } * { وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَعَلَىٰ ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ }

قوله: { وَٱلأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ } إلى قوله: { لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ }.

فالمعنى: وخلق الأنعام لكم فيها ما يدفئكم، أي ما يمنع عنكم ضر البرد، وضر الحر. لأن ما يستر من الحر يستر من البرد. وذلك ما ينتفع به من الأصواف والأوبار والأشعار. ثم جعل لكم فيها منافع، يعني من ألبانها، وركوبها، وأكل لحومها، والانتفاع بنسلها. وعن ابن عباس: الدفء نسل كل دابة.

فهذا كله حجة على الخلق احتج عليهم بنعمته عندهم ولطفه بهم. قال ابن عباس: { لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ } يعني الثياب.

ثم قال تعالى: { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ }.

أي: تتجملون بها إذا وردت بالعشي من مسارحها إلى مراحها التي تأوي إليها. { وَحِينَ تَسْرَحُونَ } أي: وتتجملون بها حين تسرح بالغدو ومن مراحها إلى مسارحها.

قال قتادة: أعجب ما تكون النعم إذا راحت عظاماً ضروعها، طوالاً أسنمتها. يعني: إذا رجعت من مرعاها.

ثم قال تعالى: { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ }.

أي: تحمل لكم هذه الأنعام أثقالكم إلى بلد بعيد لا تبلغو[نه] إلا بجهد شديد ومشقة عظيمة لو وكلتم [إلى] أنفسكم، قاله: مجاهد.

وقيل الأثقال يراد بها في هذا الموضع الأبدان بدلالة قوله:وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } [الزلزلة: 2] أي: ما فيها من الموتى. ومنه سمي الجن والإنس الثقلان.

وروى المسيِّبي عن نافع " بشَق " بفتح الشين، وبه قرأ أبو جعفر. وهو مصدر. ومن كسر جعله اسماً. وقيل معنى الكسر: إلا بنقص من القوة، أي ذهاب شق منها، أي: ذهاب نصفها.

{ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }:

أي: لذو رأفه بكم وذو رحمة، ومن رحمته خلقه الأنعام لكم لمنافعكم ومصالحكم، وخلقه السماوات والأرض، وغير ذلك مما يقوم به أمركم فليس يجب الشكر والحمد إلا له.

ثم قال تعالى: { وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا [وَ]زِينَةً } أي: وخلق لكم أيضاً هذه، نعمة بعد نعمة وفضلاً بعد فضل.

وبهذه الآية يحتج من منع أكل لحوم الخيل لأنه تعالى ذكر ما يؤكل أولاً، وهي الأنعام، ثم ذكر ما يركب ولا يؤكل وهي الخيل وما بعدها.

وأجاز جماعة أكل لحوم الخيل ورووا فيها أحاديث وآثار. واحتجوا بأنه لا دليل من لفظ الآية على تحريمها وإن قوله:قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ } [الأنعام: 145] الآية، يدل [على] تحليلها.

والذين [ر]ووا تحريمها، رووا في ذلك أحاديث عن النبي عليه السلام في النهي عن أكلها. فيكون تركها كلها عندهم بالسنة وبدليل هذه الآية.

وقوله { وَزِينَةً }.

[أي: وللزينة. فهو] مفعول لأجله. وقيل: المعنى وجعلها زينة، فهو مفعول به.

وقرأ أبو عياض: " لتركبوها زينة " بغير واو.

ثم قال تعالى: { وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }.

السابقالتالي
2