الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ } * { وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ } * { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } * { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }

قوله: { وَقَالَ ٱللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ } إلى قوله { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }.

المعنى: قال الله لا تتخذوا لي شريكاً فلا تعبدوا معبودين { إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ } أي: معبود واحد، وأنا ذلك المعبود. { فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ }. أي فاتقون وخافون. أمرهم الله [عز وجل] بذلك لأنهم قالوا في الأصنام:مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ } [الزمر: 3] فأعلمهم أنه: لا يجوز أن يعبد غيره.

وقوله: " اثنين " تأكيد. كما قال: { إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ } فأكده بواحد.

وقيل / التقدير: اثنين إلهَين. فلما لم يتعرف معنى اثنين لعمومها في كل شيء بين بإلهين، وإذا تقدم إلهين لم يحتج إلى اثنين، لخصوص اللفظ بالألوهية.

ثم قال تعالى: { وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ }.

أي: له ملك ما فيهما لا شريك له في ذلك.

{ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً } أي: له الطاعة والإخلاص دائماً. قاله: ابن عباس ومجاهد وعكرمة والضحاك. ومنه قوله:عَذابٌ وَاصِبٌ } [الصافات: 9] أي دائم، والوصوب الدوام. وعن ابن عباس أيضاً: الواصب: الواجب. قال مجاهد: الدين هنا: الإخلاص.

ثم قال تعالى: { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ }.

أي: ترهبون وتخافون أن يسلبكم نعمة الله عليكم إذا أفردتم العبادة لله [سبحانه].

وقال الزجاج: معناه: أفغير الذي أبان لكم أنه واحد، وأنه خالق كل شيء تخافون.

ثم قال تعالى: { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ }.

التقدير: وما حل بكم من نعمة فمن الله هي. وقال الفراء: التقدير: وما [يكن] بكم من نعمة. وقال قوم: " ما " بمعنى: الذي، فلا يحتاج إلى إضمار فعل. ودخلت الفاء في الخبر للإبهام الذي في " ما ".

ومعنى الآية ما أعطاكم الله [سبحانه] من مال وصحة جسم وولد فهو من فضله، لا من فضل غيره.

{ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ }.

أي: إذا مسكم في أبدانكم ضر وشدة، فإلى الله تصرخون بالدعاء، وبه تستغيثون في كشف ذلك [عنكم]. يقال: جأر، إذا رفع صوته شديداً من جوع أو غيره، والأصوات مبنية على فُعَال وعلى فَعِيل نحو الصراخ والخوار والبكاء. ونحو العويل والزفير، والفعال أكثر.

ثم قال تعالى ذكره: { [ثُمَّ] إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ }.

أي ثم إذا وهبكم العافية وفرج عنكم إذا جماعة منكم يشركون بربهم. أي: يجعلون له أنداداً يعبدونها ويذبحون لها الذبائح شكراً لغير من أنعم عليهم بالفرج.

{ لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ }.

ليجحدوا بما أتاهم الله [عز وجل] من نعمته، التي فرج عنهم بها.

{ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }.

هذا وعيد وتهدد من الله [عز وجل] لهؤلاء الذين تقدم وصفهم، أي: فتمتعوا في هذه الحياة الدنيا إلى أن توافيكم آجالكم وتلقون ربكم.

قال الزجاج: { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } هذا خاص لمن كفر.