الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ } * { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ كَذَلِكَ يَجْزِي ٱللَّهُ ٱلْمُتَّقِينَ } * { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلـٰكِن كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } * { فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }

قوله: { وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً } إلى قوله { يَسْتَهْزِئُونَ }.

قوله: { مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ } ما: في موضع نصب. قالوا: وهي مع " ذا " اسم واحد في موضع نصب. { قَالُواْ خَيْراً } أي: قالوا أنزل خيراً. والمعنى: وقيل لأهل الإيمان والتقوى: ماذا أنزل ربكم؟ قالوا خيراً. ثم بينوا الخير ما هو فقالوا:

{ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ } ويجوز حسنة في غير القرآن بالنصب على معنى أنزل للذين أحسنوا حسنة.

ثم قال: { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ }.

أي: خير من الأولى { وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ } دار الآخرة. ثم بين دار المتقين ما هي، فقال: { جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي: بساتين إقامة. فجنات: مرفوعة على الابتداء { يَدْخُلُونَهَا } الخبر. ويجوز رفعها على إضمار مبتدأ. أي: هي جنات عدن، و { يَدْخُلُونَهَا } حال.

ثم قال: { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي: من تحت أشجارها. { لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ }.

أي ما تشتهيه أنفسهم. { كَذَلِكَ يَجْزِي ٱللَّهُ ٱلْمُتَّقِينَ }. أي: كما جزى الله هؤلاء الذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة، كذلك يجزي الله من اتقاه فآمن به وأدى فرائضه واجتنب معاصيه. ثم بيّن المتقين فقال { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ طَيِّبِينَ }. أي: تقبض الملائكة أرواحهن طيبين، لتطييب الله إياها. { يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ } أي: تقول لهم الملائكة: سلام عليكم صيروا إلى الجنة وهذه بشارة من الله للمؤمنين.

وروى أنس بن مالك وتميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يقول الله لملك الموت: انطلق إلى عبدي إذا جاز أجله فاتني به. فلأريحنه من الدنيا، فإني قد ضربته بالبأساء والضراء فيها فوجدته حيث أُحِبْ. فينطلق ملك الموت، ومعه خمس مائة من الملائكة، يحملون معه كفناً، وخيوطاً من الجنة، وضبائر الريحان، أصل الريحانة واحد وفي رأسها عشرون لوناً، لكل لون من ذلك ريح طيبة سوى ريح أصحابها، والحرير الأبيض، فيه المسك الأذفر. فيجلس ملك الموت عند رأسه ويحتويه الملائكة. فيضع كل ملك منهم يده على عضو من أعضائه ويبسطون / ذلك الحرير الأبيض والمسك الأذفر تحت ذقنه. فإن نفسه لتعلل عند ذلك بطرف الجنة مرة، وبأزواجها مرة وبسكوتها مرة، وبثمارها [مرة] كما يعلل الصبي أهله إذا بكى. وإن روحه ليهش عند ذلك هشاً. قال: يقول: ينزو نزواً ليخرج يقول ملك الموت لنفسه: أخرجي أيتها النفس الطيبة إلى سدر مخضود، وطلح منضود، وظل ممدود وماء مسكوب. فلملك الموت أشد به ألطافاً من الوالدة بولدها. يعرف أن ذلك الروح حبيب لربه [عز وجل] فهو يلتمس بلطف حبيب ربه [عز وجل] رضاء الرب [سبحانه]. فيسل روحه كما تسل الشعرة من العجين. قال الله [عز وجل]: { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } ".


السابقالتالي
2