الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } * { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ إِنَّ ٱلْخِزْيَ ٱلْيَوْمَ وَٱلْسُّوۤءَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ ٱلسَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوۤءٍ بَلَىٰ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { فَٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ }

قوله: { قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ } إلى قوله { فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ }.

المعنى: قد مكر الذين كانوا قبل هؤلاء المشركين: يعني الذين أرادوا الارتقاء إلى السماء بالنسرين لحرب من فيها. وقد مضى ذكر ذلك في إبراهيم أنّه نمرود بن كنعان تجبر إذ ملك الأرض.

قال مجاهد: ملك الأرض، شرقها وغربها، أربعة: مؤمنان وكافران. فالمؤمنان: ذو القرنين وسليمان، والكافران نمرود بن كنعان وبختنصر، وقيل هو نخ تنِصْرٍ. ونذكر ها هنا قول السدي في ذلك وما روى فيه، قال السدي: أمر الذي حاج إبراهيم في ربه بإبراهيم، فأخرج من مدينته، فلما خرج لقي لوطاً على باب المدينة فدعاه فآمن به، وقال:إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّيۤ } [العنكبوت: 26] وحلف نمرود ليطلبن إله إبراهيم. فذهب فأخذ أربعة أفراخ من النسور، فرباها باللحم والخمر، حتى إذا كبرن، وغلظن، واستعجلن، قرنهن بتابوت، وقعد في ذلك التابوت. ثم رفع رجلاً من لحم لهن، فطرن به حتى ذهبن في السماء. فأشرف ينظر إلى الأرض. فرأى الجبال تدب كدبيب النمل. ثم رفع لهن اللحم، ثم نظر فرأى الأرض محيطاً بها بحر كأنها فلكة في ماء. ثم رفع طويلاً فوقع في ظلمة / فلم ير ما فوقه ولم ير ما تحته. ففزع فألقى اللحم / فاتبعته منقضات. فلما نظرت الجبال إليهن وقد أقبلن منقضات وتسمعن حفيفهن، فزعت الجبال وكادت أن تزول من أمكنتها، ولم تزل. وذلك قولهوَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ } [إبراهيم: 46]. وكان إذا طرن به من بيت المقدس ووقوعهن به على جبل الدخان، فلما رأى أنه لا يطيق شيئاً أخد في بنيان الصرح. فبنى حتى أسند به إلى السماء، وارتقى فوقه ينظر بزعمه إلى إله إبراهيم فأحدث ولم يكن وقت حدثه. وأخذ الله بنيانه من القواعد { فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } أي: من مأمنهم. فلما سقط تبلبلت ألسن الناس يومئذٍ من الفزع فتكلموا بثلاثة وسبعين لساناً فلذلك سميت بابل وإنما كان لسان الناس قبل بالسريانية.

قال ابن عباس في: { فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ } وهو نمرود حين بنى الصرح. قال زيد بن أسلم: أول جبار كان في الأرض نمرود فبعث الله بعوضة فدخلت منخره فمكث أربع مائة سنة [يضرب رأسه بالمطارق وأرحم الناس به من جمع يديه فضرب بهما رأسه بالمطارق، وكان جباراً أربع مائة سنة] فعذبه الله [عز وجل] في الدنيا أربع مائة سنة كملكه. ثم أماته الله [عز وجل] وهو الذي بنى صرحاً. وهو الذي أتى الله بنيانه من القواعد.

وقيل: معنى { فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ } استأصلهم بالهلاك.

السابقالتالي
2