الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَعَلامَاتٍ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } * { أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } * { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله: { وَهُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً }. إلى قوله: { لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

المعنى: وهو الذي سخر لكم البحر المالح والعذب، مع ما تقدم من النعم المذكورة، سخره لكم لتأكلوا من صيده لحماً طرياً ولتستخرجوا منه حلية تلبسونها: اللؤلؤ والمرجان من المالح خاصة.

ثم قال: { وَتَرَى ٱلْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ }.

قال الحسن: يعني: مواخر مشحونة. وقال عكرمة: ما أخذ عن يمين السفينة ويسارها من الماء فهو المواخر. قال مجاهد: تمخر السفن الرياح. وعن الحسن، أيضاً: { مَوَاخِرَ } جواري. وقيل معنى { مَوَاخِرَ } معترضة تجري. وعن قتادة: مواخر تجر[ي] بريح واحدة مقبلة ومدبرة.

والمخر في اللغة: الشق. يقال: مخرت السفينة الماء، أي شقته ولها صوت أي عند هبوب الريح. ومخر الأرض أيضاً هو شق الماء إياها. وقيل: مواخر مُلَجِّجَة في داخل البحر.

ثم قال تعالى: { وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ }.

أي: لتتصرفوا فيه لطلب معايشكم في التجارة. قال مجاهد: هي تجارة البر والبحر. { [وَ]لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي: تشكرون ربكم [عز وجل] على هذه النعم التي أنعم عليكم بها.

ثم قال تعالى: { وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ }.

أي: ومن نعمه / أيضاً أن ألقى في الأرض رواسي، لئلا تميد بكم الأرض، وقد كانت تميد قبل كون الجبال على ظهرها.

والراسي: الثابت. والرواسي: جمع راسية. يقال: رست، ترسو، إذا ثبتت. والمرسى اسم المكان.

[و]قال قيس بن عباد: إن الله جلّ ذكره لما خلق الأرض جعلت تمور، فقالت الملائكة: ما هذه بمقرة على ظهرها أحداً فأصبحت ضحى وفيها رواسيها.

وقال علي بن أبي طالب [عليه السلام]: لما خلق الله الأرض قَمَصت، وقالت: أي رب، أتجعل عليّ بني آدم يعملون عليَّ الخطايا ويجعلون [عليَّ] الخبث. فأرسى الله [عز وجل] فيها من الجبال ما ترون وما لا ترون.

ثم قال تعالى: { وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً }.

أي: وجعل لكم أنهاراً وسبلاً. ولا يحسن حمله على " ألقى " لأنه لا يقال: ألقى الله الأنهار والسبل ولكن حمل على المعنى. لأن معنى { وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ } جعل فيها رواسي، فعطف { وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً } على هذا المعنى.

والسبل: الطرق. ليسلكوا فيها في حوائجهم وأسفارهم. ولو عماها عليكم لهلكتم حيرة وضلالة.

[و] { لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } أي: تهتدون إلى المواضع التي تريدون الوصول إليها فلا تضلون ولا تتحيرون.

ثم قال تعالى: { وَعَلامَاتٍ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ }.

قال ابن عباس: العلامات معالم الطرق بالنهار { وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } يعني: بالليل. وقال مجاهد: هي النجوم منها ما يكون علامات ومنها ما يهتدون به.

وقال قتادة: خلق الله [عز وجل] هذه النجوم لثلاث خصال: جعلها زينة للسماء، وجعلها تهتدون بها، وجعلها رجوماً للشياطين، فمن تعاطى فيها غير ذلك، سفه رأيه، وأخطأ حظه، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به.

السابقالتالي
2