الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ لِيُثَبِّتَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } * { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { إِنَّمَا يَفْتَرِي ٱلْكَذِبَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَأُوْلـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ }

قوله: { وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ } إلى قوله: { وَأُوْلـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ }.

المعنى عند مجاهد: وإذا رفعنا آية وأنزلنا أخرى. وعنه [أيضاً]: وإذا رفعنا آية فنسخناها وأثبتنا غيرها. وقال قتادة وهو قوله:مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا } [البقرة: 106]. وقيل معناه: وإذا بدلنا حكم آية بحكم آية أخرى { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ } مما هو أصلح لخلقه. قال المشركون لك يا محمد { إِنَّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ } أي: متخرص الكذب على الله { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } حقيقة ذلك لجهالتهم.

ثم قال: { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ }.

أي: قل لهم يا محمد: نزَّل هذا القرآن ناسخه ومنسوخه جبريل [صلى الله عليه وسلم] من عند الله { بِٱلْحَقِّ لِيُثَبِّتَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي: ليقوي إيمانهم ويتضاعف تصديقهم إذا آمنوا بناسخه ومنسوخه.

{ وَهُدًى } من الضلالة { وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } وبشرى للذين استسلموا لأمر الله [عز وجل] ونهيه وما أنزله في كتابه.

ثم قال [تعالى]: { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ }.

أي: ولقد نعلم يا محمد أن هؤلاء المشركين يقولون جهلاً منهم إنما يعلم محمداً هذا الذي يتلو علينا بشر من بني آدم وما هو من عند الله. فقال الله مكذباً لهم: { لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ }. أي لسان الذي يميلون إليه أنه يعلم محمداً [صلى الله عليه وسلم] أعجمي { وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ } لأنهم زعموا أن الذي يعلم محمداً عبد رومي.

قال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم فتى بمكة، وكان اسمه بلعام، وكان أعجمي اللسان فلما رأى المشركون النبي صلى الله عليه وسلم، يدخل عليه ويخرج، قالوا [له] إنما يعلمه بلعام، فأنزل الله [عز وجل] الآية.

وقيل: كان اسمه يعيش، [قال عكرمة: كان النبي عليه السلام يقرئ غلاماً لبني المغيرة اسمه يعيش] أعجمياً، فقال / المشركون إنه يعلم محمداً. وقيل: هو [عبد] لبني الحضرمي يقال له يعيش. وقيل: كان اسمه جبراً. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يجلس عنده عند المروة. فقال المشركون هو يعلم محمداً [صلى الله عليه وسلم] ما يتلو علينا، وكان جبر أَعجمي اللسان، فاحتج الله عليهم أنه أعجمي وأن القرآن عربي والعجمي، لا يعلم العربي.

وقيل: كانا غلامين اسم أحدهما جبر، والآخر يسار يقرآن التوراة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس إليهما. فقال كفار قريش إنما يجلس إليهما يتعلم منهما. وقال الضحاك: هو سلمان الفارسي.

وروي أن الذي قال هذا رجل كاتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد عن الإسلام وكان يملي عليه النبي صلى الله عليه وسلم: { سَمِيعٌ عَلِيمٌ } أو { عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أو غير ذلك من خواتم الآي، ويشتغل النبي عليه السلام فيبدل هو في موضع سميع عليم وعزيز حكيم ويقوله للنبي صلى الله عليه وسلم، فيقول له النبي عليه السلام، أي ذلك كتبت فهو كذلك ففتنه ذلك.

السابقالتالي
2