الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلـٰهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }

قال تبارك وتعالى: { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ }.

معناه، بلغ ما أرسلت به إليهم، قاله ابن زيد.

وقال ابن عباس: معناه افعل ما تؤمر وامضه.

وعنه: أعلن بالقرآن، قال: وكان نبي الله اكتتم مخافة [قومه] سنتين فأمره الله أن [يصدع] بما يؤمر أي: يعلن به ويظهره وأن يعرض عن المشركين ثم نسخ ذلك وأمره بقتالهم وقال { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ }. وقال مجاهد: المعنى: اجهر بالقرآن في الصلاة. قال عبد الله بن عبيد: لم يزل النبي [صلى الله عليه وسلم] بمكة مستخفياً حتى نزلت: { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } فخرج هو [و]أصحابه.

وقال الزجاج: معناه: ابنِ ما تؤمر به وأظهره، مشتق من الصديع وهو الصبح.

وقال المبرد: [معناه]: اصدع الباطل بما تؤمر: أي: افرق بين الحق والباطل بهذا القرآن وبينه.

يقال: تصدع القوم إذا تفرقوا. ومنه صداع الرأس وتصدعت الزجاجة تفرقت أجزاؤها. وفاء الفعل مصدر عند البصريين، فلذلك لم يقل: " بما تؤمر به ". وتقديره: فاصدع بأمرنا، وهو القرآن.

وقال الكسائي: " ما " بمعنى: الذي. والتقدير بما تؤمر به، ثم حذفت: " به ".

فأما قوله { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } فهذا كان قبل أن يؤمر بالقتال ثم، أمر بالقتال فنسخه الأمر بالقتال، قاله: ابن عباس والضحاك.

ثم قال تعالى: { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ * ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلـٰهاً آخَرَ }.

المستهزؤون: في قول ابن عباس، وهم الوليد بن المغيرة المخزومي والعاصي بن وائل، وعدي بن قيس، والأسود بن عبد يغوث الزهري، وهو ابن خال رسول الله صلى الله عليه وسلم والأسود بن المطلب، وأبو زمعة الحرث بن عيطلة كانوا يهزؤون بالنبي عليه السلام.

وعن ابن عباس: أنهم خمسة، ولم يذكر الحرث بن عيطلة، كانوا يهزؤون بالنبي عليه السلام. فروي أنهم مروا، رجلاً [رجلاً] على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل عليه السلام، فإذا مر رجل منهم قال [له] جبريل: كيف تجد هذا؟ فيقول / النبي: بئس عبد الله، فيقول له جبريل: كفيناكه. فهلك الخمسة بأمر الله [عز وجل] ونصره لنبيه [صلى الله عليه وسلم]: أما الوليد بن المغيرة فإنه تردى بردائه فتعلق سهم بردائه فقعد يحله فقطع أكحله فنزف فمات. وأما الأسود بن عبد يغوث فأتى بغصن فيه شوك فضرب به وجهه فسالت حدقتاه على وجهه. فكان يقول: دعوت على محمد [دعوة] ودعا علي دعوة، فاستجيب لي، واستجيب له: دعا علي أن أعمى، فعميت. ودعوت عليه: أن يكون وحيداً فريداً في أهل يثرب فكان ذلك. وأما العاصي بن وائل فوطئ شوكة فتساقط لحمه على عظامه حتى هلك. وأما الأسود بن المطلب وعدي بن قيس فإن أحدهما قام من الليل وهو مطمئن يشرب من جرة فلم يزل يشرب حتى ينفتق بطنه فمات.

السابقالتالي
2