الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ } * { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

قوله: { كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ } إلى قوله: { يَعْمَلُونَ }.

الكاف من " كما " في موضع نصب نعت [لمصدر محذوف].

و [قيل]: للمفعول المحذوف، أي: النذير عذاباً مثل العذاب الذي أنزلنا على المقتسمين.

قال ابن عباس: المقتسمين اليهود والنصارى، قسموا القرآن فآمنوا ببعض وكفروا ببعض.

قال مجاهد: هم أهل الكتاب جزءوا القرآن فجعلوه أعضاءً، آمنوا ببعض وكفروا ببعض.

وقال عكرمة: هم أهل الكتاب اقتسموا القرآن، استهزءوا به فقال بعضهم: هذه السورة لي، وقال آخر: هذه السورة لي.

وعن مجاهد أيضاً: هم أهل الكتاب اقتسموا كتابهم فكفر بعضهم ببعضه، وآمن الآخرون بذلك البعض، وكفروا [بـ]ـبعض آخر.

وقال قتادة: هم قوم من قريش خمسة عضهوا كتاب الله [عز وجل].

وقيل: عني بذلك قوم صالح الذين تقاسموا على تبييت صالح وأهله، وهم تسعة، قاله ابن زيد.

وقيل: هم قوم اقتسموا طريق مكة أيام مقدم الحاج بعثهم أهل مكة ليشيعوا في كل ناحية عند كل من يقدم مكة [من الناس] أن محمداً مجنون وأنه شاعر وأنه ساحر.

قال ابن عباس: هم اثنا عشر رجلاً من قريش اقتسموا على أعقابِ مكة لمن يقدم مكة من الناس ليصدوهم عن نبي الله. فيقول بعضهم: هو كاهن، وبعضهم هو شاعر، وبعضهم هو مجنون.

وقيل: هم قوم أقسموا ألا يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ولا يفارقوا الانحراف عنه، والطعن عليه.

وقال عطاء: هم قوم من قريش فرقوا القول في القرآن / فقال بعضهم: هو سحر وقال آخرون: هو شعر وقال آخرون: هو أساطير الأولين. وعن ابن عباس أيضاً في { جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ } أي: فرقوه فرقاً. وهو مشتق من العَضْو، والمحذوف منه على هذا القول واو. والكسائي يذهب إلى أنه من: عَضَهْت الرجل، إذا رميته بالبهتان. والتصغير على هذا القول الأول " عضية " وعلى قول الكسائي عُضَيْهَة. وقال الفراء: العِضُون في كلام العرب المتفرقون. واستجيز جمعه بالواو والنون عند البصريين ليكون ذلك عوضاً مما حذف منه.

وحكى الفراء أن من العرب من يقول: هذه عضينك. فتركه بالياء في كل حال، ويجعل الإعراب في النون، بمنزلة ذهبت سنينك في لغة من جعلها بالياء على كل حال وجعل الاعراب في النون. [قال]: وهي كثيرة في أسد وتميم وعامر. توهموا أن الواو واو فعول لما وقعت موضع حرف ناقص [و] قلبوها ياء لأنها أخف من الواو وجعلوا الاعراب في النون. كما قال بعضهم سمعت لغاتَهم. فنصب، وحق التاء الكسر في النصب والخفض كتاء " مسلمات ". لكن نصبها في موضع النصب كما تقول: سمعت أصواتهم.

فمن قال في التصغير عضيهة، وجعله على عضين، قال: فعلت به ما فعلت ببرة وبرين.

السابقالتالي
2