الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } * { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } * { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } * { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ }

قوله: { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ } إلى قوله { بِخَازِنِينَ }.

والمعنى: والأرض مددناها فبسطناها، لأنه قال: في موضع آخروَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } [النازعات: 30]. ومن تحت [الـ]ـبيت الحرام دحيت الأرض. { وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ } أي: في ظهرها جبالاً ثابتة. { وَأَنْبَتْنَا فِيهَا } أي: في الأرض { مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ }.

وقال ابن عباس " موزون " معلوم. وقال مجاهد: مقدر، أي: لا يزيد على قدرة الله ولا ينقص كأنه موزون. وقال عكرمة: مقدور.

وقال ابن زيد: " موزون " عني به الأشياء التي توزن. يعني: ما في الجبال من معادن الذهب والفضة والرصاص وغير ذلك مما يوزن. فكأنه قال: أنبتنا فيها من كل شيء يوزن كالفضة والذهب والحديد والرصاص والزعفران والعُصْفُر وغير ذلك مما يباع بوزن.

ثم قال تعالى: { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ }.

أي: جعلنا لكم في الأرض معايش وجعلنا لكم من لستم له برازقين يعني الإِماءَ والعبيد. فيكون " من " في موضع نصب عطف على المعايش.

وقيل: { مَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } يعني: به الدواب والأنعام، وهو قول مجاهد. و " من " على هذا القول: لما لا يعقل وهو قبيح بعيد.

وقيل: عني به الوحش. و " من " لما لا يعقل أيضاً.

وقيل: " من " في موضع نصب عطف على معنى { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ } لأن معناه: أنعشناكم " ومن لستم " أي: وأنعشنا من لستم له برازقين.

وقيل: هي في موضع خفض عطف على لكم، وهو مذهب الكوفيين، ولا يجيزه البصريون.

وقيل: معنى { وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } يراد به: العبيد والاماء والدواب والوحش، فلما اجتمع من يعقل، وما لا يعقل، غلب من يعقل فأتى بمن. وهذا القول: حسن، ويكون " من " في موضع نصب حملاً على المعنى على ما تقدم.

وقيل: المعنى جعلنا لكم في الأرض معايش بزرعها وثمارها، وجعلنا لكم فيها من لستم له برازقين، يعني: البهائم التي تؤكل لحمها ويعاش منها، ويعني: ما ينتفع به من البهائم مما لا يؤكل / لحمها، كل قد جعله الله لبني آدم في الأرض رفقاً بهم ونعماً عليهم وفضلاً.

ثم قال تعالى: { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ } الآية والمعنى: وما شيء من الأمطار إلا عندنا خزائنه. { وَمَا نُنَزِّلُهُ } يعني: المطر { إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } أي: ينزل إلى كل أرض حقها الذي قدر الله لها. وليس أرض أكثر من أرض ولا عام أكثر مطراً من عام، ولكن الله يقسمه كيف يشاء، عاماً هنا وعاماً هنا. ويمطر قوماً ويحرم قوماً، وربما كان في البحر. وروي أنه ينزل مع المطر من الملائكة أكثر من عدد ولد إبليس وولد آدم يحضرون كل قطرة حيث تقع وما تنبت.

السابقالتالي
2