الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ } * { لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ } * { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي ٱلسَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ } * { وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } * { إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ }

قوله: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ ٱلأَوَّلِينَ } إلى قوله { شِهَابٌ مُّبِينٌ }.

والمعنى ولقد أرسلنا من قبلك يا محمد رسلاً في أمم الأولين. وفي فرق الأولين. وواحد الشيع شيعة. و " رسلاً " / محذوف دل عليه أرسلنا.

ثم قال تعالى: { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }.

أي: وما يأتي [من رسول إلى الأمم الماضية فيدعوهم إلى الله { إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي: يسخرون من الرسل عتواً منهم وتمرداً على ربهم.

ثم قال تعالى: { كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } بمعنى: كما سلكنا الكفر في قلوب شيع الأولين والاستهزاء بالرسل، كذلك نسلك ذلك في قلوب مشركي قومك. فالهاء في " نسلكه " تعود على التكذيب أو على الاستهزاء.

والمعنى: كذلك ندخل الكفر والتكذيب في قلوب المجرمين لما علم الله من سوء اختبارهم وقبيح اعتقادهم. وقيل: الهاء تعود على الشرك. وقيل: على القرآن لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤه عليهم. ومعنى نسلكه: نجعله.

وقوله: { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } أي: لا يصدقون بالذكر الذي أنزلناه إليك.

{ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ } وقد خلت وقائع الله [عز وجل] بمن خلا قبلهم من الأمم.

وقيل: المعنى وقد تقدمت سنة الأولين في التكذيب بالآيات فهم يقتفون آثارهم.

ثم قال تعالى: { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ } الآية.

أي: لو فتحنا على هؤلاء الذين تقدم ذكرهم وقالوا لو ما تأتينا بالملائكة، باباً من السماء فظلت الملائكة تعرج فيه وهم يرونهم بأعيانهم { لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا }.

قال ابن عباس وقتادة. ومعنى يعرجون: يجيئون ويذهبون. ومعنى سكرت أبصارنا: أخذ بها وشبه علينا.

وروي عن الحسن وقتادة أنهما قالا: " فظلوا فيه " يعني بني آدم الذين سألوا أن يأتيهم النبي بالملائكة. والمعنى فظل هؤلاء السائلون لك يا محمد في هذا الباب يجيؤون ويذهبون، لقالوا إنما أخذ بأبصارنا وشبه علينا { بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ }.

وتحقيق معنى " سكرت ": غشيت وغطيت، قاله: ابن عمر. ومن خفف " سُكِرَت " فمعناه حبست، يقال: سَكَرَت الريحُ إذا سَكَنَتْ. وقيل: هو مأخوذ من: سكر الشراب، ومعناه: قد غشي أبصارنا مثل السكر، وهو تفسير ابن عمرو بن العلاء. ومن شدده فمعناه [عنده]: سدت، وهو قول قتادة والضحاك. وقال ابن عباس: معناه: أخذت. وقيل: معنى " سُكِرَت " بالتخفيف سحرت من قول العرب " سكر على فلان رأيه " إذا اختلط عليه فيما يريد. وقال الكلبي: معنى سكرت أبصارنا: غشيت. وكل هذه الأقوال متقاربة المعاني، وقول أبي عمرو أنه مأخوذ من السكر جامع لها كلها.

قوله: { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي ٱلسَّمَاءِ بُرُوجاً } الآية.

أي: جعلنا في السماء الدنيا منازل الشمس والقمر { وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ } أي: زيناها بالكواكب.

السابقالتالي
2