وقوله: { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } - إلى قوله - { سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } ، والمعنى: ولا تحسبن الله يا محمد مخلف رسله، وعده الذي وعدهم من عقوبة من كذبهم تثبيتاً منه تعالى لنبيه، عليه السلام ومعلماً، له به أنه سينزل سخطه على من كذبه. { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ }: أي: إن الله لا يمتنع منه شيء أراد عقوبته { ذُو ٱنْتِقَامٍ } لمن كفر به وكذب رسله. ثم أخبرنا تعالى، متى يكون هذا الانتقام، فقال { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ }: أي: ينتقم من الظالمين في هذا اليوم. ومعنى { تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ (غَيْرَ ٱلأَرْضِ) }: أي تصير هذه الأرض أرضاً بيضاء، كالفضة لم يسفك عليها دم، ولا عمل عليها خطيئة، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر حفاة، عراة، قياماً، كما خلقوا حتى يلجمهم العرق. قاله ابن مسعود، وأنس بن مالك، ومجاهد، والحسن. وقال الحسن (رحمه الله) في حديثـ(ـه): والسماوات أيضاً كالفضة وعن عبد الله بن مسعود أنه، قال: تبدل الأرض ناراً يوم القيامة، والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها. والذي نفس عبد الله بيده: إن الرجل ليفيض عرقاً حتى ترسخ في الأرض قدمه، ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه، وما مسه الحساب. فقالوا: (مم) يا أبا عبد الرحمن؟ قال: مما الناس يلقون. وقال: (و) أولياء الله في ظل عرش الله. والذي نفس عبد الله بيده: إن جهنم / لتنظف على الناس، مثل الثلج حين يقع من السماء، والذي نفس عبد الله بيده إن عرقه ليسيح في الأرض تسع قامات، ثم يلجمه، وما ناله الحساب من شدة ما يرى الناس (و) يلقون. وقال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: تبدل الأرض من فضة، والجنة من ذهب. وقال ابن جبير: تبدل الأرض خبزة بيضاء، يأكل المؤمن من تحت قدميه. وكذلك ذكر محمد بن كعب القرظي (رحمه الله). وكذلك قال أبو جعفر بن محمد بن علي، (نضر الله وجهه): تبدل الأرض خبزة يأكل منها الخلق يوم القيامة، ثم قرأ{ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ } [الأنبياء: 8]. وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: تبدل الأرض بأرض من فضة، لم يعمل فيها الخطايا. وقيل: تبديل الأرض: هو تسيير جبالها، وتهجير بحارها، وكونها مستوية:{ لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } [طه: 107]، وتبدل السماوات: انتثار كواكبها، وانفطارها، وانشقاقها، وتكوير شمسها، وخسوف قمرها. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تبدل الأرض غير الأرض والسماوات، ويمدها مد الأديم العُقاظي، لا ترى فيها عوجاً، ولا أمتأً، ثم يزجر الله الخلق زجرة فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم من الأولى. ما كان في بطنها كان في بطنها، وما كان على ظهرها كان على ظهرها. وذلك حين تطوى السماوات { كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ } ثم يدحوهما ثم يبدلهما ".