الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ } * { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ } * { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }

قوله: { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } - إلى قوله - { كَفَّارٌ }: والمعنى: " الله الذي أنشأ السماوات والأرض من غير شيء.

{ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ }: أي: أحيى به الأرض والشجر، والزرع، والثمرات، رزقاً لكم: تأكلونه.

{ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ } وهي السفن: { لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } ومعنى " بأمره " لكم، تركبونها، وتحملون فيها أمتعتكم من بلد إلى بلد.

{ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ }: أي: سخر ماءها شراباً وسقياً لكم.

{ وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ }: أي: متعاقبين عليكم أيها الناس بالليل والنهار لصلاح أنفسكم ومعايشكم.

وقيل: معنى دائبين: متماديان في اختلافهما عليكم. وقال ابن عباس (رحمه الله): هو دؤوبهما في طاعة الله، عز وجل، { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ }: أي: يسخر تعاقبهما عليكم لمنافعكم، وصلاح أحوالكم.

ثم قال تعالى: { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ }: أي: وأعطاكم مع ما تقدم من ذكر إنعامه عليكم: { مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } ، أي: من كل سؤلكم، قاله الفراء.

وقال الأخفش: " من كل ما سألتموه (شيئاً)، وحذف شيئاً لدلالة لفظ التبعيض عليه، ولدلالة " ما " التي أضيف إليها " كل " لأنها بمعنى شيء.

وقيل: هذا لفظ عام، ويراد به الخصوص، كما يقال: فلان يعلم كل شيء، وأتاني كل إنسان: يريد البعض، ومثلهفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } [الأنعام: 44].

قال مجاهد: معناه: وآتاكم من كل ما رغبتم إليه فيه.

وقيل: المعنى: وآتاكم من كل الذي سألتموه، والذي لم تسألوه.

وقيل: معناه: إن الناس قد سألوا الأشياء عن تفرق أحوالهم، فخوطبوا على ذلك: أي: قد أوتي بعضهم منه شيئاً، وأوتي الآخر منه شيئاً آخر، مما قد سأله.

وروى محمد بن إسحاق المسيبي، عن أبيه، عن نافع " من كل " بالتنوين، وهي قراءة الضحاك. والحسن: أي: أعطاكم أشياء ما سأَلْتُمُوهَا / ولا التمستموها، ولكن فعل ذلك لكم، برحمته وسعة فضله.

قال الضحاك (رحمه الله): فكم من شيء أعطانا الله ما سألناه، ولا طلبناه، ولا خطر لنا على بال.

وجعل الحسن " ما " بمعنى " الذي " مع التنوين. وقال في معناه: وآتاكم من كل ما سألتموه: أي: أعطاكم من كل الأشياء الذي سألتموه.

ثم قال تعالى: { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا }: أي: (إن) تعدوا نعم الله عليكم لا تحصوا عددها، والقيام بشكرها.

ثم قال تعالى: { إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } ، الإنسان: اسم للجنس وظلوم بني للمبالغة.

والمعنى أن الإنسان غير شاكر من أنعم عليه، وقد وضع الشكر في غير موضعه، يعبد غير من أنعم عليه.

كفار: جحود نعمة من أنعم عليه.