الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } * { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } * { وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ } * { قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ }

قوله: { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ } - إلى قوله - { وَلاَ خِلاَلٌ }.

ومعناه: يثبت الله الذين آمنوا به وبرسله وكتبه بقوله لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله: أي: يثبتهم (بذلك في الحياة الدنيا: أي: في قبورهم قبل قيام الساعة.

{ وَفِي ٱلآخِرَةِ }: قال البراء بن عازب: يثبت الله الذين آمنوا بالشهادة في القبر، إذ أتاهم الملكان، فقالا: من ربك؟ فيقول ربي (الله فيقولان) ما دينك؟ فيقول: دينـ(ـي) الإسلام، فيقولان من نبيك؟ فيقول: محمد صلى الله عليه وسلم: فذلك القول الثابت في الحياة الدنيا.

وروى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا أيها الناس إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فإذا الإنسان دفن، وتفرق عنه أصحابه جاءه ملك بيده مِطْرَاقٌ، فأقعده فقال (له): ما تقول في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمناً: قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. فيقول له: صدقت

. فيفتح له باب إلى النار، فيقال (له): هذا منزلك لو كفرت بربك. فأما إذ آمنت، فإن الله أبدلك به هذا، ثم يفتح له باب إلى الجنة، فيريد أن ينهض فيقال له: اسكن، ثم يفسح له في قبره. وأما الكافر /، والمنافق، فيقال له: ماذا تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: لا دَرَيْت، ولا تدريت ولا اهتديت، ثم يفتح له باب إلى الجنة، فيقال له: هذا منزلك لو آمنت بربك، فأما إذ كفرت، فإن الله عز وجل أبدلك به هذا. ثم يفتح له باب إلى النار، ثم يقمَعُهُ الملك بالمطراق قمعة يسمعه خلق الله كلهم، إلا الثقلين. فقال (له) بعض أصحابه: يا رسول الله ما منا أحد يقوم على رأسه ملك بيده مطراق إلا يفشل عند ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } " الآية.

ولهذا الحديث طرق كثيرة وألفاظ زائدة على ما ذكرنا، وناقصة (عن) ما ذكرنا، والمعنى فيها قريب من الآخر.

وقيل: معنى الآية: يثبتهم الله في الحياة على الإيمان، حتى يموتوا عليه { وَفِي ٱلآخِرَةِ } المساءلة في القبر، قاله طاووس، وقتادة وهو اختيار جماعة من العلماء.

ومعنى { وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ }: أي: لا يوفقهم في الحياة الدنيا إلى الإيمان، ولا في الآخرة عند المساءلة في القبر.

وقوله: { وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ }: أي: بيده الهداية والضلالة يضل من يشاء فلا يوفقه، ويهدي من يشاء فيوفقه.

ثم قال تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ كُفْراً }: أي: غيّروا نعمة الله، وهي كون محمد صلى الله عليه وسلم من قريش وإرساله إليهم، فجعلوا النعمة كفراً.

السابقالتالي
2