قوله: { وَأُدْخِلَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } - إلى قوله - { مِن قَرَارٍ }. المعنى: وأدخل الذين آمنوا بالله ورسله وكتبه وعملوا الأعمال الصالحات { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ }: أي: بساتين تجري دونها الأنهار. { خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ }: أي: ماكثين فيها أبداً بأمر ربهم. { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ }: يعني: الملائكة يسلمون عليهم فيها. فالضمير في تأويل مفعول لم يسم فاعله. أي: يحيون بالسلام (يعني الملائكة يسلمون): (ويجوز) أن يكون الضمير فاعلاً، والمعنى: ويحيي بعضهم بعضاً بالسلام. ثم قال تعالى: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً } /، (أي): ألم تر بعين قلبك يا محمد، كيف ضرب الله مثلاً للإيمان (به): ومثلاً للكفر به. فجعل مثل المؤمن في نطقه بالتوحيد، والإيمان بنبيه صلى الله عليه وسلم، وأتباع شريعته (جلت عظمته): مثل الشجرة (الطيبة). فنفعُ الإقامة على توحيده، كنفع الشجرة التي لا ينقطع نفعها في كل حين، وهي النخلة. قال ابن عباس (رحمه الله): { مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً }: يعني أن شهادة (أن) لا إله إلا الله، { كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ } ، هي المؤمن، أصلها ثابت: هو قول لا إله إلا الله. ثابت في قلبه { وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } أي: يرتفع بها عمل المؤمن في السماء. وقال مجاهد: { كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ }: يعني: النخلة. وقيل: الكلمة الطيبة أصلها ثابت، هي ذات أصل في القلب، يعني التوحيد. { وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } يُعرج بها فلا تحجب حتى تنتهي إلى الله، عز وجل. وقال ابن عباس أيضاً، (رحمه الله): في رواية أخرى عنه: الشجرة الطيبة: المؤمن، والأصل الثابت: في الأرض، (والفرع): في السماء: يكون المؤمن يعمل في الأرض، ويتكلم فيبلغ عمله، وقوله السماء، وهو في الأرض. وقال عطية العوفي: ذلك مثل المؤمن، لا يزال يخرج منه كلام طيب، وعمل صالح، يصعد إلى الله عز وجل. وقال الربيع بن أنس: { أَصْلُهَا ثَابِتٌ } في الأرض: ذلك المؤمن ضرب مثله. وقيل: معنى: وفرعها في السماء: بركتها وثوابها لمعتقدها صاعد إلى الله (عز وجل)، وهي قول لا إله إلا الله محمد رسول الله. وقيل: معنى (أصلها ثابت): (أي) شهادة أن لا إله إلا الله (محمد رسول لله) ثابتة في القلب المؤمن، { وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ }: أي: يرتفع بها أعمال المؤمن إلى السماء. (و)قال: مجاهد، وعكرمة، والضحاك، وقتادة، وابن جبير، وابن عباس: الشجرة هنا النخلة. وعن الضحاك أنه قال: هذا مثل ضربه الله (عز وجل):، للمؤمن يطيع الله بالليل، ويطيعه بالنهار، (و)يطيعه: كل حين، (كما): أن هذه الشجرة تؤتي أكلها كل حين. وقوله: { كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ }: مثل الكافر عمله خبيث، وجسده خبيث، وروحه خبيث. وليس لعمله قرار في الأرض، ولا يصعد إلى السماء.