قوله { وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ } - إلى قوله - { يَعْقِلُونَ }: المعنى: أن الله، جل ذكره، دلهم بعد / أن بين آية السماوات والأرض، أنه هو بسط الأرض طولاً وعرضاً. قيل: إنها كانت مدورة فمدت. { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ } ثابتة: أي: جبالاً، والرواسي جمع راسية، وهي الثابتة، وجعل فيها أنهاراً للسقي، والشرب، والعسل، وغير ذلك. ثم قال تعالى: { وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ }: أي: نوعين، والزوج: الواحد الذي له قرين، والزوج: الصنف، والنوع. وقال أبو عبيدة، والفراء: والمراد بالزوجين: الذكر والأنثى من كل صنف، وهذا خلاف ظاهر النص، لأنه تعالى إنما ذكر الثمرات، ولم يذكر الحيوان. فالمعنى: من كل الثمرات جعل صنفين حلواً وحامضاً، وأحمر وأبيض، ونحو ذلك ودليله قوله:{ سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ } [يس: 36] أي: خلق الأصناف كلها من نبات الأرض ومن غيرها. ثم قال: { يُغْشِى ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ }: أي: يلبس الليل النهار، فذلك كله فيه: آية لمن تفكر فيه، واعتبر، فعلم أن العبادة لا تصلح إلا لمن خلق هذه الأشياء، ودبرها، دون أن يملك ضراً، ولا نفعاً. ثم قال تعالى: { وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ } الآية والمعنى: وفي الأرض قطع متدانيات، وتتـ[فـ]ـاضل في النبات، فمنها قطعة سبخة، لا تنبت شيئاً، وتجاورها قطعة طيبة تنبت. قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك. وقيل المعنى: وفي الأرض أمكنة متجاورة تسقى كلها بماء واحد، وهي مختلفة. طعام النبات والثمر: بعضها حلو، وبعضها حامض، وبعضها مُرٌّ، وبعضها سباخ لا تنبت شيئاً. ففي ذلك مع اتفاق شرب جميعها من ماء واحد، دلالة على نفاذ قدرة الله (تعالى)، وتعظيم سلطانه، و [بـ]ـدائع تركيباته سبحانه. وقيل: في (الـ)ـكلام حذف، والمعنى: وفي الأرض قطع متجاورات وغير متجاورات، ثم حذف لعلم السامع. وقيل: المتجاورات: المدن، وما كان عامراً، والتي غير متجاورات: الصحاري، وما كان غير عامر. وقوله ( { صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ }: معنى صنوان: النخلة، والنخلتان، والثلاث، والأربع أصلهن واحد)، { وَغَيْرُ صِنْوَانٍ }: النخلة، والنخلتان، والأكثر كل واحدة في أصل متفرق، قاله البراء بن عازب. وقال ابن عباس: معنى: الصنوان: النخلة التي يخرج من أصلها النخلات، فيحمل بعضه، ولا يحمل البعض. فيكون أصله واحداً، ورؤوسه متفرقة. { وَغَيْرُ صِنْوَانٍ }: كل واحدة من النخل في أصل واحد. ومعنى الآية عند الحسن، (رحمة الله عليه)، أنه مثل ضربه الله [تعالى] لقلوب بني آدم، وذلك أن الأرض كانت في يد الرحمن طينة واحدة، فبسطها، وبطحها فصارت قط[ـعاً] متجاورات. فينزل عليها الماء، فتخرج هذه زهرتها، وثمرتها، وشجرها، وتخرج هذه ملحها، وسبخها، وخبثها: وكلتاهما تسقى بماء واحد. فلو اختلفـ(ـت) مياهها لقيل: إنما وقع الاختلاف لأجل الماء، كذلك الناس خلقوا من آدم.