الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ } * { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } * { وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ } * { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ } * { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ }

قال تعالى: { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا } إلى قوله { وَحُسْنُ مَآبٍ }. معناه: أنه فسر { عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } ما هي؟ فقال: { جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي: جنات إقامة لاظَعْنَ معها، يدخلها هم { وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ }: أي: من عمل صالحاً منهم.

قال ابن مسعود: جنات عدن: بُطنانُ الجنة.

قال أبو مِجْلَز: علم الله (عز وجل) أن المؤمن يحب أن يجمع له شمله، فجمعهم الله (عز وجل)، له في الآخرة.

وقال ابن جريج: معناه من آمن في الدنيا.

ثم أخبرنا الله (عز وجل) عن حالهم إذا دخلوا الجنة، فقال: { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ } يقولون: { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ } على طاعة الله (عز وجل) في الدنيا. { فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ }. وسلام عليكم: خبر، معناه: الدعاء لهم، أي: سلمكم الله بما صبرتم، وليس هو تحية، لأن التحية ليست بجزاء للصبر. ولكن دعاء الملائكة لهم بالسلامة جزاء الصبر. والخبر: يأتي بمعنى الدعاء، كثير في القرآن والكلام.

وقوله: { فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ }: الخبر محذوف، وتقديره: فنعم عقبى الدار ما أنتم فيه.

وذكر أن لجنات عدن خمسة آلاف باب.

روي عن ابن عمر(و) أنه قال: إن في الجنة قصراً، يقال له: عدن، حوله البروج والمروج، فيه خمسة آلاف، (باب، على كل باب خمسة آلاف) حِبَرة، لا يدخله إلا نبي، أو صديق، أو شهيد.

وقال الضحاك: { جَنَّاتُ عَدْنٍ } مدينة الجنة، فيها الرسل والأنبياء، وأئمة الهدى، والناس حولهم بعد، والجنات حولها.

ومعنى: { بِمَا صَبَرْتُمْ }: أي بصبركم في الدنيا على عمل الطاعات، وعلى الانتهاء عن المعاصي. وهذا هو أفضل الصبر، أن يصبر الإنسان على فعل ما أمر(ه) الله به، وعلى ترك ما نهاه (الله) عنه.

وروي أن قوله:أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ } [الرعد: 19] الآية، نزلت في حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وفي أبي جهل، لعنه الله.

ثم أخبرنا الله بحال الكفار، بعد إخباره لنا بحال المؤمنين، فقال:ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَلاَ يَنقُضُونَ ٱلْمِيثَاقَ } [الرعد: 20]: أي: ويخالفون ما أمرهم الله، عز وجل، من بعد ما وثقوا على أنفسهم لله (عز وجل)، أن يعلموا بما عهد إليهم، إذ قال لهم:أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ } [الأعراف: 172].

ثم قال (تعالى): { وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } وهو الرحم وقيل: يفرقون بين الإيمان بجميع الأنبياء، فيؤمنوا ببعض (ويكفرون ببعض). والله أمرنا بالإيمان بجميعهم.

قوله: و { وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ } أي: يعملون فيها المعاصي.

{ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ } أي: لهم البعد من رحمة الله.

{ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ } أي: لهم ما يسوؤهم من الدار الآخرة، وهي النار، أعاذنا الله منها. وقيل معناه: سوء العاقبة.

ثم قال تعالى ذكره: { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ (وَيَقَدِرُ) } أي: يوسع على من (يشاء، ويضيق على من) يشاء.

السابقالتالي
2 3