الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوۤاْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ } * { قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّـآ إِذاً لَّظَالِمُونَ } * { فَلَمَّا ٱسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِيۤ أَبِيۤ أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ }

قوله: { قَالُوۤاْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ } - إلى قوله - { خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } يعنون بقولهم { أَخٌ لَّهُ }: يوسف.

قال مجاهد: كان يوسف صلى الله عليه وسلم سرق صنماً لجده، أبي أمه، فكَسَرهُ، وألقاه في الطريق. فَعَابَهُ إخوته بذلك. وإنما أراد يوسف بكسره، وأخذه الخير: فليس ذلك بسرق، بل هو مَحْضُ الدين والعبادة، وإنكار المنكر.

وقال ابن جريج: كانت أم يوسف مسلمة، فأمرته أن يسرق صنماً لخاله، كان يعبده.

وروي عن مجاهد أن عمة يوسف بنت إسحاق، وكانت أكبر من يعقوب صارت إليها منطقة إسحاق لسنها: لأنهم / كانوا يتوارثونها بالسن. وكان من سرقها استملك. وكانت عمة يوسف قد حضنته، وأحبَّتْه حباً شديداً فلما ترعرع، قال لها يعقوب: سلِّمي يوسف إليّ فلست أقدر أن يغيب عني ساعة، قالت له: (دعه عندي) أياماً أنظر إليه لعلي أتسلى عنه. فلما خرج من عندها يعقوب عمدت إلى منطقة إسحاق فحزمتها على يوسف من تحت ثيابه، ثم قالت: لقد فقدت منطقة إسحاق؟ فانظروا من أخذها، ومن أصابها فالتُمِسَت ثم قالت: اكشفوا أهل البيت، فكشفوا، فوجدت مع يوسف، فقالت: والله إنه لي لم أصنع فيه ما شئت. ثم أتاها يعقوب فأخبرته الخبر، فقال (لها): أنت وذاك إن كان فعل (ذلك)، فهو سلم لك، فأمسكته حتى ماتت. فبذلك عَيَّره إخوته.

ومعنى الآية أنه على الحكاية، أي قالوا: إن يسرق فقد (قيل) سرق أخ لهم من قبل. إنما حكوا ما قد كان قبل، لم يقطعوا بالسرقة عليه. هذا أحسن ما تأوله العلماء، والله أعلم بذلك.

والضمير في قوله: { فَأَسَرَّهَا } ، إضمار، قبل الذكر (قد) فسره الله عز وجل لنا أن الذي أسره قوله: { أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً } - إلى قوله - { تَصِفُونَ } (أي) أضمر هذا في نفسه.

وقيل: أسر في نفسه المجازاة لهم على قولهم، ولم يرد أن يبين عذره في ذلك. وقيل: أسرَّ في نفسه قولهم: { فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ } ولم يرد أن يدفعه ويراجعهم عليه. بل كتم قولهم له وصبر.

قوله: { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ }: أي: (من) قولكم: هل هو حق أو كذب. ثم قالوا ليوسف: { يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ } أي: الملك { إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً }: يعنون كلفاً بحبه، فخذ واحداً منَّا مكان هذا الذي سرق وخل عنه { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ }: في أفعالك.

وقيل: المعنى: إنا نرى ذلك منك إحساناً إلينا إن فعلته. قال يوسف { مَعَاذَ ٱللَّهِ }: أي: عياذاً بالله أن نأخذ غير من سرق.

{ إِنَّـآ إِذاً لَّظَالِمُونَ } إن فعلنا ذلك.

قال السدي: ثم قال لهم يوسف: إذا أتيتم أباكم فأقرؤه السلام، وقولوا له: إن ملك مصر يدعو لك ألا تموت حتى ترى ابنك يوسف.

السابقالتالي
2