الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىۤ إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّيۤ أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } * { قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ مَّاذَا تَفْقِدُونَ } * { قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ ٱلْمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ } * { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ }

قوله: { وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىۤ إِلَيْهِ أَخَاهُ } - إلى قوله - { وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ } المعنى: لما دخل إخوة يوسف عليه، قالوا: هذا أخونا الذي أمرتنا أن نأتيك به، فشكر لهم ذلك. ثم قال لصاحب ضيافته: أنزلهم رجلين في كل مسكنٍ، وأكرمهم، فبقي أخوهم: وهو شقيق يوسف. فقال لهم يوسف: إن هذا يبقى وحده، لا ثاني معه، فأنا أضمه إلى نفسي. فأنزله عنده، وضمه إليه. وقال له: أنا أخوك - يوسف - لا (تَبْتَئِسْ) (بشيء) من فعلهم، ولا تعلمهم بشيء مما أعلمتك به. وقيل: [إنه] لم يعترف له أنه أخوه، يعني: من النسب. وإنما قال له: أنا أخوك مكان أخيك الهالك. قاله وهب ابن منبه.

وإنما أخبره أنه يوسف بعد انصرافه وتركه عند يوسف.

ثم قال تعالى: { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ } والمعنى: أن يوسف لما حمَّل إبل إخوته الميرَةَ، جعل السقاية في رحل أخيه: وهو المكيال الذي كانوا يكتالون به، وهي المشربة التي يشرب بها [الملك] وكانت من فضة، وذهب تُشْبِهُ الملوك مُرَصَّعَةً بالجوهر.

وقيل: كانت شبه الكأس، فجعلها في رحل أخيه، والأخ لا يشعر. فلما ارتحلوا نادى مُناد: يا { أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } قيل: إنما قال لهم: { إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } ، وهم لم يسرقوا: يريد إنهم سرقوه، وباعوه، لأنهم سبب بيعه. وقيل: بل تركهم حتى مشوا، وخرجوا، ثم لحقوا، فقيل لهم: { أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ }. قالوا: وما ذاك. قالوا: { صُوَاعَ ٱلْمَلِكِ } وإنما دعاهم بالسرقة كلهم، لأن المنادي لم يعلم ما صنع يوسف.

وقيل: إنما فعله عن أمر يوسف فأعقبه الله عز وجل بقولهم له:فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ } [يوسف: 77].

وقيل: إنما جا[ز] أن يقال لهم ذلك، لأنهم باعوا يوسف، فاستجازوا أن يخاطبوا بذلك.

وقيل: المعنى: حالكم حال السراق. وقرأ أبو هريرة " صَاعَ الملك ".

وقال أبو رجاء " صوع الملك ".

(قوله): { وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ }: أي: (وقِرُ بَعير) من الطعام.

(قوله): { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ } أي: لنعصي الله، ونسرق، وإنما ادعوا ذلك. وقالوا: " قد علمتم " لأنهم ردوا البضاعة التي وجدوا في رحالهم، إذ رجعوا وراء أخيهم. فالمعنى: " لو كنا سارقين ما رددنا البضاعة (التي وجدنا) في رحالنا ".

وقيل: إنما قالوا ذلك لأنهم قد علموا اشتهار فضلهم بمصر، فنفوا عن أنفسهم ما قد رموا به.