قوله: { سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَ(إِنَّا لَفَاعِلُونَ) } - إلى قوله - { كَيْلٌ يَسِيرٌ }. المعنى: قالوا سنرجع إلى أبيه، فنسأله في أن يوجه به (معنا)، وإنا لفاعلون ذلك. ثم قال تعالى: { وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ } أي: قال يوسف لغلمانه و " فتيته ": أنَسْبُ لأنه للعدد القليل، و " فتيان ": حسن، فقال لهم: اجعلوا أثمان الطعام التي أخذوا بها طعامي في وسط رحالهم، وهم لا يعلمون. قال بعض أهل المعاني: إن يوسف خشي ألا يكون عند أبيه دراهم، إذ كانت سنة جَدْبٍ. فرد عليهم الدراهم طمعاً أن يأخذها. وقيل: إنما رَدَّ عليهم الثمن رفقاً بهم (من) حيث لا يعلمون، تكرماً منه، وتفضلاً صلى الله عليه وسلم. وقيل: إنما جعل الثمن في الأوعية لتكون سبب رجوعهم إليه لعلمه، فكرمهم، وإنهم لا يرضون بحبس الثمن، وإنهم يتحرَّجُون من ذلك فيرجعون إليه ضرورة. ثم قال تعالى: { فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ }: من قرأ بالياء: فمعناه: يكتل لنفسه حملاً، ومن قرأ بالنون: أراد إنهم أخبروا عن أنفسهم، وعنه بالكيل. والمعنى: إنهم قالوا: (له): يا أبانا منع (منا) أن نكتال فوق ما اكتلنا بعيراً لكل نفس. فأرسل معنا أخانا يكتل لنفسه كَيْلَ بعير زائدة على ما اكْتَلْنَا لأنفسنا. قال السدي: لما رجعوا إلى أبيهم قالوا: يا أبانا! إن ملك مصر أكرمنا كرامةً، لو كان رجلاً من ولد يعقوب ما أكرمنا كرامتَهُ، وإنه ارتهن منا شمعون. وقال: ائتوني بأخيكم هذا الذي عطف عليه أبوكم بعد موت أخيكم / فإن لم تأتوني به، فلا تقربوا بلادي أبداً. فقال لهم يعقوب: { هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ } - الآية - ثم قال: { فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ }: أي: إن يفجعني في هذا الولد على كبر سني، وهو أرحم الراحمين فيَّ إذا آتيتم إلى ملك مصر، فأقروءه سلامي، وقولوا له: إن أبانا يدعو لك، ويصلي عليك لما أوليتنا من الجميل. ثم قال تعالى: { وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ }: أي [لما] فتحوا أوعيتهم التي فيها الطعام، وجدوا الثمن الذي دفعوه ليوسف في الطعام، في أوعيتهم. { قَالُواْ يٰأَبَانَا مَا نَبْغِي }: وراء هذا، إن بضاعتنا ردَّت إلينا، وقد أوفى لنا الكيل. { وَنَمِيرُ أَهْلَنَا } في رجوعنا: أي: نأتيهم بالطعام. { وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ }: بسير أخينا معنا، لأن لكل نفس حمل بعير. { ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ }: أي: يسير على الملك سهل. وقيل: المعنى: كيلنا الذي نأخذ، يسير، فزيادتنا حملاً أحسن من تركه. وقيل: المعنى: الذي جئنا به يسير، فرجوعنا بأجمعنا نأتي لكل نفس بحمل أحسن. قال مجاهد: حمل بعير: حمل حمار. وقال غير[ه] جمل، وهو المعروف في اللغة.