الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } * { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ ٱلْخَائِنِينَ }

قوله: { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ } - إلى قوله - { لاَ يَهْدِي كَيْدَ ٱلْخَائِنِينَ }. (المعنى): أن الملك لما أعلمه الرسول بتأويل رؤياه، علم أنه حق. وقال: { ٱئْتُونِي بِهِ }.

فلما جاء يوسف الرسول يدعوه إلى الملك، قال [له] يوسف: ارجع إلى سيدك، { فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ }.

وأبى يوسف أن يخرج حتى يعلم صحة أمره. ولم يذكر امرأة العزيز فيهن: حُسْنَ عشرة منه، صلى الله عليه (وسلم)، خلطها بالنسوة، وأخبر عن الجميع.

(قال النبي صلى الله عليه وسلم: " رحم الله يوسف، لو كنت أنا المحبوس، ثم أرسل إلي لخرجت سريعاً. إن كان لحليماً، ذا أناة ".

(وقال صلى الله عليه وسلم: " لقد عجبت من يوسف، وصبره، وكرمه، والله يغفر له حين سئل عن البقرات: لو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى اشترطت أن يخرجوني. ولقد عجبت منه حين أتاه الرسول لو كنت مكانه لبادرتهم الباب "

قوله: { مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ } إنما خاطبهن لأنهن قلن ليوسف إذ رأينه: وما عليك أن تفعل، فراودنه عن نفسه.

وقيل: إنه / خاطبهن من أجل أن امرأة العزيز فيهن، فجعل الخطاب للجميع، والمراد واحدةٌ منهن. ودليل هذا جوابها وحدها، إذ حكاه الله، عز وجل، عنها فقال: { قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ }.

وقيل: إنما خاطبهن كلهن، لأن يوسف لما قال: { فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } ظن الملك أنهن كذبن وراودنه، فسألهن عن ذلك، فجاوبته امرأة العزيز، وأقرت أنها هي الفاعلة.

وقيل: إنما جمعهن في الخطاب، لأنهن قلن: { ٱمْرَأَةُ ٱلْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ } وأشعن ذلك فقيل لهن: هل علمتنَّ ذنبه؟

{ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ } فعند ذلك، أقرت امرأة العزيز أنها هي راودته عن نفسه. فرجع الرسول، فقال ذلك للملك فأحضر الملك النسوة. والكلام دل على الحذف.

ومعنى { حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ }: تبين وظهر وانكشف، فقالت: { أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } في قوله: { هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي } وذلك أنها اضطرت إلى أن تبلغ مراد الملك في صرف الإبهام عنه بالرؤيا التي شغلت قلبه، فبرأت يوسف ليصح صدقه عند الملك، ويعلم أن ما أفتى في الرؤيا حق، فتعطفه عليه.

وحصحص مأخوذ من الحصة، أي: بانت حصة الحق من حصة الباطل. وأصله " حصص " ، ثم أبدل من الصاد الثانية حاءً، كما قال:فَكُبْكِبُواْ } [الشعراء: 94]، والأصل " كذبوا " ، وقيل: كبكب، والأصل " كبب " ورَدْرَدَ والأصل ردَّد.

وقوله: { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ } هذا من قول يوسف عليه السلام أي: قال: فعلت ذلك من ردي الرسول إليه، وتركي إجابته، والخروج إليه حتى يسأل النسوة، فيعلم الملك أني لم أذكره بسوء في الغيب.

السابقالتالي
2