الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ } * { يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّيۤ أَرْجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ } * { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ } * { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ } * { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }

قوله: { وَقَالَ ٱلَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ } - إلى قوله - { وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }: المعنى: وقال الذي نجا [منهما] من القتل، يعني: من الفَتَيَيْن اللذين عبر لهما يوسف الرؤيا.

{ وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ }: أي: تذكر بعد حين وصية يوسف، وأمره.

قال الكلبي: تذكر بعد سنين، فذكر أمره للملك.

وقرأ ابن عباس، وعكرمة، وقتادة، والضحاك: " بعد أمه " بالهاء، وفتح الميم والتخفيف أي: بعد نسيان.

وقرأ مجاهد: " بعد أمْهٍ " بإسكان الميم، وبالهاء: جعله مصدر أمه أمهاً: إذا نسي. وتأويلها كتأويل من فتح الميم. وأصل المصدر فتح الميم، ومن أسكن فللتخفيف.

وقرأ الحسن: أنا آتيكم بتأويله قال: وكيف ينبؤهم العلم؟

ثم قال: { فَأَرْسِلُونِ }: أي: فأطلقوني أمضي لآتيكم بتأويله من هذا العالم. قوله: { فَأَرْسِلُونِ }: وقف.

وقوله { يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ }: أي: يا يوسف { أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ }: أي: في سبع بقرات رُئينَ في المنام. ويأكلهن سبع عجاف - الآية -.

قال قتادة: السمان: السنين الخصبة /، والعجاف. سنون جدْبَة.

ومعنى { لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ }: أي: يعلمون تأويل رؤيا الملك.

وقيل: المعنى: لعلهم يعلمون مقدارك، فيخرجونك من السجن.

قال يوسف للسائل: { تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً }: أي: على عادتكم التي كنتم عليها. وقوله: { فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ } فهو خبر معناه الأمر: (أي): ازرعوا، وفيه إيماءٌ إلى تعبير الرؤيا، (فلفظه خبر معناه: الخبر عن تعبير الرؤيا) وفيه معنى الأمر لهم بالزرع سبع سنين، وتركه في سنبله. ودلّ على أنَّه أمر. قوله: { فَذَرُوهُ } ، فرجع إلى لفظ الأمر بعينه، وعطفه على معنى الأول.

وقيل: هو رأي رآه، صلى الله عليه وسلم، لهم ليبقى طعامهم، فأمرهم أن يَدَعُوه في سنبله (إلاَّ ما يأكلون).

ثم قال له: { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ }: أي: قحيطة، { يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ }. أي: يوكل فيهن ما أعددتم في السنين الخصبة من الطعام ووصفت السنون بالأكل، والمراد أنه يؤكل فيها، كما قالوَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً } [يونس: 67، النمل: 86، غافر: 61]: أي: يبصر فيه.

وقوله: { إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ }: أي: تحرزونه، أي: ترفعونه للحرث. { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ } أخبرهم، صلى الله عليه وسلم، عما لم يكن في رؤيا الملك، وذلك من علم الغيب، الذي علمه الله، (عز وجل) دلالة على نبوته صلى الله عليه وسلم، ومعنى { فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ }: أي: بالمطر، والخصب.

{ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }: أي: يعصرون العنب، والسمسم، والزيتون: وهو قول ابن عباس، والضحاك، وقتادة، وابن جريج، وغيرهم.

وقيل: المعنى: وفيه تحلبون مواشيكم.

وقال أبو عبيدة: معناه: وفيه تنجون من البلاء من العصر (وهو الملجأ).