الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَآءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

قوله: { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ } إلى قوله { ٱلْمُجْرِمِينَ }: والمعنى: ألم نرسل قبلك يا محمد إلا رجالاً يوحى إليهم بالأمر، والنهي، والدعاء إلى توحيد الله (عز وجل)، وهم { مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } ، أي: من أهل الأمصار دون أهل البوادي. أي: لم نرسل نبياً، ولا ملائكة.

ثم قال (لهم): { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } ، أي: أفلم يسر المشركون في الأرض، فيعتبرون بمن كان قبلهم من الأمم، الذين كذبوا رسلهم، ويخافون أن يهلكوا بذنوبهم كما هلك من كان قبلهم.

ثم قال: { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ }: أي: الجنة خير لهم لو آمنوا من دار الدنيا.

ثم قال تعالى: { حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ } الآية، ومعنى الآية: أنها مردودة على ما قبلها، وهو قوله (تعالى): { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } فالمعنى: حتى إذا استيأس الرسل الذين تقدم ذكرهم، من إيمان قومهم، وأيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم. جاء الرسل نصرنا. فيكون الفعلان " للرسل / " والضميران في " أنهم " ، وجاءهم للرسل أيضاً، هذا على قراءة من شدَّد " كُذِّبوا ". قال هذا التفسير: الحسن، وقتادة وتحتمل هذه القراءة معنىً آخر، وهو أن يكون المعنى: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان من كذبهم (من) قومهم، وظنوا أن من آمن من قومهم قد كذبوهم، لما لحقهم من البلاء والامتحان، جاء الرسل نصرنا.

(وهذا المعنى مروي من عائشة رضي الله عنها: (روى عروة عنها أنها) قالت: مَحَنَ المؤمنين بالبلاء، والضر حتى ظن الرسل أن المؤمنين قد كذبوهم لما لحقهم, فيكون الظن بمعنى: الشك لا بمعنى اليقين.

فأما المعنى على قراءة من خفف " كذبوا " فعلى تقدير: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كُذِبُوا: أي: أخلفوا لما وعدوا به من النصر. جاء الرسل نصرُنا. فيكون الظن بمعنى: اليقين، وبمعنى: الشك، وتحتمل هذه القراءة أيضاً معنى آخر، وهو أن يكون التقدير: { حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ } من إيمان قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبتهم. ثم رَدَّ إلى ما لم يسم فاعله.

وقد قرأ مجاهد " كَذَبُوا " بفتح الكاف والتخفيف، ومعناه: وأيقن الرسل أن قومهم قد كذبوا في ردهم على الرسل.

وقيل: الظن بمعنى: الشك، وهو للمرسل إليهم. والمعنى: وظن المرسل إليهم أن الرسل كذبوا فيما دعوهم إليه من الإيمان بالله، (عز وجل)، وفيما وعدهم به من النصر عليهم، والانتقام منهم.

وقيل: معناه: حتى إذا استيأس الرسل من عذاب الله (سبحانه) قومها المكذبين لها، وظنت الرسل أن قومها قد كذبوا، وافتروا على الله، (سبحانه)، بكفرهم، جاء الرسل نصرُنا.

السابقالتالي
2