الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } * { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } * { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } * { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ }

قوله: { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ } إلى قوله { وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } معنى الآية: أن الله (عز وجل) يقول لنبيه عليه السلام (إن) الذي اقتصصنا عليك من خبر يوسف، ويعقوب من أخبار الغيب الذي لم تشاهدها، ولا عاينتها يا محمد.

ثم قال: { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ }: أي عند إخوة يوسف { إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ } على إلقاء يوسف في الجب. وهو مكرهم بيوسف.

ثم قال (تعالى) { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ } يعني: مشركي قريش بمؤمنين، ولو حرصت على إيمانهم، ولكن الله (عز وجل) يهدي من يشاء.

(ثم قال تعالى): { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ }: أي: لست تسأل قريشاً يا محمد أجراً) على دعائك إياهم إلى الإيمان. فيقولون لك: إنما تريد بدعائك إيانا إلى الإيمان أخذ أموالنا، وإذا كان حالك أنك لا تريد منهم جزاء، فالواجب عليهم أن يعلموا أن دعاءك لهم نصيحة منك لهم، وأتباعاً لأمر ربك.

{ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ }: أي: ما الذي أرسلك به ربك إلا عظة للعالمين.

ثم قال (تعالى): { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا }: المعنى وكم يا محمد من علامة، ودلالة، وعبرة، وحجة في السماوات والأرض: كالشمس، والقمر، والنجوم، والجبال (والبحار) والنبات، وغير ذلك من آيتهما يُعاينونها، فيمرون عليها، وهم معرضون، لا يعتبرون بها، ولا يتفكرون بها. وفيما دلّت عليه من توحيد خالقها عز وجهه.

وقرأ السدي: { وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا } (بالنصب).

(و) الوقف على هذه القراءة، على [السماوات] تمام.

[و] النصب على إضمار فعل بمنزلة: " زيد أنزلت عليه " ، كأنه قال:

ويغشون (الأرض) يمرون عليها، أو " ويلامسون الأرض " يمرون عليها، وشبه ذلك من الإضمار. وهو مثلوَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [الإنسان: 31].

وذكر الأخفش رفع " الأرض " على الابتداء، ويكون الوقف على / " السماوات " حسناً أيضاً على هذا.

وقد تقدم القول فيوَكَأَيِّن } [آل عمران: 146] من آل عمران.

وقد ذكر الفراء أن " كائن " على قراءة ابن كثير: فاعل من " الكون " فيحسن الوقف على " النون " ، لأنها لام الفعل.

وذكر الأخفش أن قوله:سَبِيلِيۤ أَدْعُواْ إِلَىٰ ٱللَّهِ } [يوسف: 108]: تمام، وتابعه على ذلك أبو حاتم، وهو مروي عن نافع. ويبتدأ:عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي } [يوسف: 108] فيكون " أنا " ابتداء، والمجرور: الخبر.

وقال عبيدة: { أَنَاْ } تأكيد للضمير في { أَدْعُواْ } ، فتكون { عَلَىٰ بَصِيرَةٍ } متصلاً بأدعو، ويكون التمام على هذا: { ٱلْمُشْرِكِينَ }.