الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يٰأَبَانَا ٱسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ } * { قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ } * { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً وَقَالَ يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ }

قوله: { قَالُواْ يٰأَبَانَا ٱسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ } إلى قوله: { ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } المعنى: قال له ولده: يا أبانا! استغفر لنا ذنوبنا، أي: اسأل الله يستر علينا (ذنوبنا).

{ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ }: أي: في فعلنا. قال لهم يعقوب: { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } ، قيل: إنما أخر الاستغفار (لهم) إلى السحر.

وقيل: أخره إلى صلاة الليل، (و) قيل: أخر ذلك إلى ليلة الجمعة.

روي ذلك عن ابن عباس، عن النبي عليه السلام.

ومعنى { إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ }: هو الساتر ذنوب من تاب إليه، الرحيم بهم أن يعذبهم عليها بعد توبتهم منها إليه.

روي عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، أنه قال: إن الله (عز وجل) لما جمع ليعقوب شمله، وأقر عينه، تذكر إخوة يوسف ما صنعوا بأخيهم، وبأبيهم (و) قالوا: إن كنا قد غفر لنا ما صنعنا، فكيف (لنا) بعفو ربنا؟ فاجتمعوا، وأتوا الشيخ. ويوسف إلى جنب أبيه، وقالوا: يا أبانا! أتيناك في أمر لم نَأْتِكَ في مثله قط. فرحمهم الشيخ، والأنبياء أرحم البرية، فقال: ما بكم يا بني؟ قالوا له: قد علمت ما كان منا إليك، وإلى أخينا يوسف، وقد غفرت مالنا، وعفوكما لا يغني عنا شيئاً إن كان الله (عز وجل) لم يعف عنا. ونريد أن تَدْعُوَ الله (لنا). فإذا جاءك الوحي بأنه قد عفا عنا قرت أعيننا, وإلا فلا قرت لنا عين في الدنيا. فقام الشيخ، واستقبل القبلة، وقام يوسف خلف أبيه، وقاموا خلفهما أذلة خاشعين. فدعا، وأمّنَ يوسف، فلم يُجَب فيهم إلى عشرين سنة. فلما كان رأس / العشرين سنة نزل جبريل على يعقوب، فقال له: إن الله عز وجل، بعثني إليك، (أبشرك) بأنه قد (أ)جاب دعوتك في ولدك، وإنه عفا عما صنعوا.

وقوله: { ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ } إنما قال لهم يوسف ذلك بعد أن دخلوا عليه، وآوى يوسف إليه أبويه. فمعنى ذلك أن يوسف تلقى أباه، تكرمة له، قبل دخوله مصر، فآوى يوسف إليه أبويه: أي: ضمهما وقال لأبيه ومن معه: { ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ }.

" كما ورد (أنهم) قاموا عشرين سنة، لا يقبل ذلك منهم، حتى لقي جبريل يعقوب، عليهما السلام. فعلّمه هذا الدعاء: يا رجاء المؤمنين! لا تخيب رجائي، يا غوث المؤمنين أغثني، يا حبيب التائبين تب عَلَيَّ، فاستجيب لهم. قال لهم يوسف ذلك بعد أن دخلوها عليهم، لأنهم (فيما) ذكر السدي: تحملوا إلى يوسف بأهليهم وعيالهم، لأنه قال لهم:وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } [يوسف: 93] فلما قربوا من مصر كلم يوسف الملك الذي فوقه، أن يخرج هو والملـ(ـو)ك معه يتلقونهم. فلما دنا يوسف من يعقوب، ويعقوب يتمشى، وهو يتكئ على يهوذا ولده.

السابقالتالي
2 3