الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ } * { مَلِكِ ٱلنَّاسِ } * { إِلَـٰهِ ٱلنَّاسِ } * { مِن شَرِّ ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ } * { ٱلَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ } * { مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ }

{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ } إلى آخرها.

(المعنى: اقرأ يا محمد: { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ } فأَثْبَتَ " قُلْ " فِي قَرَاءَتِهِ كما أُمِرَ، أي): قل [يا] محمد، أستعيذ برب الناس، وهو الله جل ذكره، { مَلِكِ ٱلنَّاسِ } ، وهو الله.

وخص الناس بالذكر وهو تعالى جل ذكره رب جميع الخلق وملِكُهم، لأن بعض الناس كان يُعَظِّم بعض الناس تعظيم المؤمنين ربهم، فأَعْلَمَهُم [الله] أنه رب من [يعظمونه] وملكهم [يجري] عليهم [سلطانه] وقدرته.

ثم قال تعالى: { إِلَـٰهِ ٱلنَّاسِ } أي: معبود الناس، لا تجب العبادة لغيره.

ثم قال: { مِن شَرِّ ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ }. أي الشيطان الخناس، يعني الشيطان يخنس مرة ويوسوس (أخرى، فيخنس إذا ذكره العبد ربه، ويوسوس من صدور الرجل) إذا غفل عن ذكر ربه.

قال ابن عباس: " الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل [وسوس]، [وإذا] ذكر الله خنس، فذلك قوله: { ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ } وقال مجاهد: ينبسط الشيطان فإذا ذكر الله خنس وانقبض، فإذا غفل الإنسان انبسط، وهو قول قتادة.

وقال ابن زيد: يوسوس مرة، (ويخنس مرة) من الجن والانس وكان يقول: شيطان الإنس أشد على الناس من شيطان الجن، لأن شيطان الجن يوسوس (ولا تراه، وشيطان [الانس] يعاينك معاينة).

وعن ابن عباس أن الشيطان يوسوس بالدعاء إلى طاعته في صدور الناس حتى يستجاب له إلى ما دعا من طاعته، فإذا [استجيب] له إلى ذلك خنس.

يقال: خنس: إذا استتر، وخنست عنه: تأخرت، وأخنست عنه حقه سترته.

وقوله جل ذكره: { ٱلَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ * مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } قيل: إن { ٱلنَّاسِ } المتأخر هنا يراد به الجن، وذلك أنهم سموا ناساً كما سموا رجالاً في وقوله:يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ } [الجن: 6].

وحُكِيَ عن بعض العرب أنه قال: جاء قوم [من الجن]، وقد قال الله في مخاطبة الجن لأصحابهم:يٰقَوْمَنَآ } [الأحقاف: 30] فسموا قوماً [كما يسمى الأنس].

والجنة جمع جنى كما يقال: إنسيّ وإنس، والهاء لتأنيث الجماعة مثل: حجار وحجارة.

وقال علي بن سليمان: قوله { وَٱلنَّاسِ } (معطوف) على { ٱلْوَسْوَاسِ } ، والتقدير: قل اعوذ برب الناس من الوسواس والناس، فيكون { ٱلنَّاسِ } على هذا القول يعني به الإنس.

وروت عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما فقرأ فيهما { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ } (ثم) يمسح (بهما) ما استطاع (من جسده) يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات. ". صلى الله عليه وسلم (وشرف وكرم ومجد).