قوله تعالى: { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ } إلى آخرها. (قال زر: سألت أُبي بن كعب عن المعوذتين، فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: قيل لي فقلت فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقاله ابن مسعود بمثله. ومعنى ذلك - والله أعلم - أنهما سألا النبي صلى الله عليه وسلم عن إثبات " قل " في أولهما، فقال النبي عليه السلام: قيل: لي: " قُلْ أَعوذُ " ، فقلت: [أي]: قيل لي: اقرأ { قُلْ أَعُوذُ } فقرأها، بإثبات " قل " على أنها أمر به. وكأنه كان يقال في غير هذه السور الثلاث: " قل ألَم نشرَحْ " ، " قُل إنّا أنزَلناهُ ". وقيل في هذه الثلاثة: اقرأ: { قُلْ أَعُوذُ } ، اقرأ: { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ } ، هذا بإثبات " قل " في ذلك، وقال أبي بن كعب وابن مسعود: فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمعنى: اقرأ - يا محمد - { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ }. قال ابن عباس: " الفلق: سجن في جهنم ". قال بعض الصحابة: الفلق بيت في جهنم، إذا فتح هرب أهل النار، [كذا في كتاب عبد بن حميد]. وذكر ابن وهب أن كعباً قال: الفلق بيت في جهنم إذا (فتح) صاح جميع أهل النار من شدة حره أعاذنا الله منها. وقال السدي: الفلق جب " في جهنم ". وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم (قال): " الفلق جب في جهنم مغطى ". وقال أبو عبد الرحمن [الحبلي]: هو جهنم. وقال ابن عباس والحسن وابن جبير ومحمد بن كعب ومجاهد وقتادة وابن زيد: هو فلق النهار، يريدون فلق الصبح، وعن ابن جبير [أيضاً] أنه جب في النار. والعرب تقول: هو أبين من فلق الصبح، ومن [فرق] الصبح يعنون الفجر، ويقولون لكل شيء أضاء من الأرض: فلق. وعن ابن عباس أيضاً: الفلق: [الخلق]. وقوله: { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } ، أي: من شر كل ذي شر، أمر الله نبيه أن يتعوذ من شر (كل) ذي شر، لأن ما سواه - تعالى ذكره - مخلوق. ثم قال تعالى ذكره: { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ }. قال ابن عباس والحسن: الغاسق [الليل إذا أظلم]. وقال محمد بن كعب { غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } " النهار إذا دخل [في الليل]. وقال مجاهد: هو الليل [: إذا أظلم، وقال أيضاً]: إذا دخل. وقال أبو هريرة رضي الله عنه: هو " كوكب ". وقال ابن زيد: كانت العرب تقول: الغاسق سقوط الثريا، وكانت الأسقام والطاعون يكثران عند سقوطهما ويرتفعان عند طلوعها.