الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوۤاْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ } * { فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ } * { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ } * { يَٰإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ }

قوله: { قَالُوۤاْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } - إلى قوله - { مَرْدُودٍ }.

والمعنى: قالت الرسل: أتعجبين من أمر / قضاء الله عز وجل فيك، وفي بعلك، { رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ }.

ثم قال: { إِنَّهُ حَمِيدٌ }: أي: محمود على نعمه عليكم، وعلى غيركم. { مَّجِيدٌ }: أي: ذو مجد، وثناء، وقيل: معنى { مَّجِيدٌ }: كريم، والمجد: الكرم، والجود، { مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ }: وقف.

{ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ }: أي: لما سكن خوفه من الرسل، وعلم منهم من هم.

قال الأخفش، والكسائي: قوله " يجادلنا ": في موضع جادلنا، لأن جواب " لمَّا " يكون بالماضي، وقيل " يجادلنا " في موضع الحال. ومعنى يجادلنا: أي: يطلب. وقيل: في قوم لوط. وقيل: المعنى: يخاصم رسلنا في قوم لوط.

قال ابن جريج: قال إبراهيم للرسل: أتهلكونهم إن وجدتم فيهم مائة رجل مؤمن؟، قالوا: لا. ثم قال: فتسعين؟ حتى هبط إلى خمسة، وكان في قرية لوط أربعة آلاف ألف، يجادل الرسل عن قوم لوط، ليرد عنهم العذاب.

وقيل: إنه لم يزل يقول: آرأيتم إن وجدتم فيهم كذا، وكذا مؤمناً أتهلكونهم؟ فيقولون: لا حتى بلغ إلى أن قال: أرأيتم إن وجدتم فيها واحداً مسلماً؟ قالوا: لا. فلم يخبر إبراهيم أن فيهم رجلاً واحداً، يدفع عنهم به البلاء. قال لهم: إن فيها لوطاً يدفع عنهم به العذاب.قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ } [العنكبوت: 32].

وقد بين الله، جل ذكره، ذلك في سورة " والذاريات " فقال:فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } [الذاريات: 36] يعني: بيت لوط إلا امرأته.

وقيل معنى: { يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ }: أي: في المؤمنين منهم خاصة، ثم قالوا: { يَٰإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبَّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ }. قال ابن عباس: قال الملك لإبراهيم: إن كان فيهم خمسة يصلون رفع عنهم العذاب.

وقوله: { أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ }: الأوّاهُ: المبْتَهِلُ إلى الله، عز وجل، المتخشع في ابتهاله، الذي يكثر التأَوُّهُ خوفاً، وإشفاقاً من الذنوب، والمنيب: الرجاع إلى طاعة الله عز وجل.

وقيل: إنما وصفه بالحلم، لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينتصر لنفسه قط، إنما كان ينتصر لله عز وجل، ولم يعاقب أحداً بذنب صنعه إلا لله، ولم يغضب قطُّ إلا لله.

والأوّاه: الدّعَاء، البكَّاء، والمنيب: التارك للذنوب، الراجع إلى ما يحبه الله عز وجل، ويرضى به. وقيل: الأوَّاه: الدَّعاء، وقيل: هو المتأوه، المرتجع من الذنوب.