الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } * { فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ } * { وَٱمْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } * { قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ }

قوله: { وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ } - إلى قوله - { عَجِيبٌ }.

من نصب " سلاماً نصبه على المصدر، أو على إعمال القول، والرفع على إضمار مبتدأ. أي: هو سلام، أو أمري سلام، أو على إضمار خبر محذوف. والمعنى: قالوا: سلام عليكم، قال: سلام عليكم. ومن قرأ " سِلْمٌ " فعلى معنى الأمر. سلم أو نحو سلم: أي: نحن آمنون منكم، إذا سلمتم علينا، لأن الملائكة لما سلمت عليه أَمِنَ منهم، وعلم أنهم مؤمنون. فقال لهم: سلام: أي: نحن سلم منكم إذن.

وقيل: المعنى: نحن سلم، أي: غير باغين شراً، وأنتم قوم منكرون: أي: لا نعرفكم. وقيل: سلم بمعنى سلام. كما يُقال حرمٌ، وحَرَامٌ بمعنى واحد. ويجوز رفع الأول، ونصب الثاني، ونصب أيهما شئت على هذا التقدير، ومعنى { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ }: أي: غير معروفين في بلدنا.

وقيل: المعنى:، إنكم قومٌ منكرون، إذا سلمتم، لأن التسليم في بلدنا منكر، لم نعهده إلا لمن هو على ديننا. والرسل الذين أتَوْهم: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، عليهما السلام.

روي أن الله جلَّ ذكره، أرسل إسرافيل يبشر سارة زوج إبراهيم بإسحاق، ويعقوب ولد إسحاق، وأرسل الله جبريل ليقلب مدائن قوم لوط، وأرسل ميكائيل ليأخذ بيد لوط، وبناته، ويسري بهم. والبشرى هي البشارة بإسحاق. وقيل: هي البشارة بهلاك قوم لوط.

{ قَالُواْ سَلاَماً } قال مجاهد: المعنى سَدَاداً.

{ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ }: " أن ": في موضع نصب عند سيبويه، يقال: لا يلبث عن أن يأتيك.

وأجاز الفراء أن تكون في موضع رفع. فلبث، أي: فما أبطأ عنه مجيئه. والمعنى: فما أبطأ عنهم حتى جاء { بِعِجْلٍ حَنِيذٍ }: أي: مشوي، وهو فعيل، بمعنى مفعول.

وقال ابن عباس: (حنيذ): نضيج. وقيل: كان قد أشوي على حجارة محمية. فما: نافية في قوله (فما لبث)، وفي " لبث " ضمير إبراهيم عليه السلام.

وقيل: لا ضمير في " لبث " ، والفاعل: أن جاء، أي: فما أبطأ مجيئه عن أن جاء. وقيل: " ما " بمعنى " الذي " في موضع رفع على الابتداء، والخبر: " أن جاء " ، والتقدير: فإبطاؤه مجيئه بعجل بين قدر الإبطاء.

قوله: { فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ } أي: فلما رأى إبراهيم أيدي الرسل، صلوات الله عليهم، لا تصل إلى العجل، فتأكل منه، (نكرهم)، وعلم أنهم لم يتركوا الأكل إلا لقصة. فأوجس منهم خوفاً في نفسه. يقال: نكره ينكره، وأنكره بمعنى. فالهاء في " إليه " تعود على العجل، وقيل: على إبراهيم، بمعنى: لا تصل / إلى طعامه، ثم حذف المضاف.

قال قتادة: إنما أنكر إبراهيم أمرهم، لأنهم كانوا إذا نزل بهم ضيف، فلم يطعم من طعامهم ظنوا أنه لم يجئ بخير، فخاف إبراهيم منهم، فقالوا له: { لاَ تَخَفْ } منا { إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ } بالعذاب.

السابقالتالي
2 3