الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْقَوِيُّ ٱلْعَزِيزُ } * { وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ }

قوله: { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا } - إلى قوله - { لِّثَمُودَ }:

والمعنى: ولما جاء عذابنا نجينا صالحاً منه. { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا }: أي: بنعمة، { وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ }: أي: نجيناهم من هوان ذلك اليوم، وذلته.

ومن خفض { يَوْمِئِذٍ } ، أضاف إليه حرفاً واحداً بالإعراب، ومن نصب بناه مع " إذ " لإضافته إلى غير متمكن وهو إذ.

قال المبرد: من خفض قال: سير عليه يومئذ فرفع، ومن فتح فتح مع سير، وغيره لأنه مبني.

{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْقَوِيُّ } أي: في بطشه إذا بطش ".

{ ٱلْعَزِيزُ } أي: الذي لا يغلبه شيء.

وروى عمرو بن خارجة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " كانت ثمود قوم صالح، أطال الله أعمارهم حتى جعل أحدهم يبني المسكن من المدر، فينهدم لطول حياته، فلما رأوا ذلك اتخذوا من الجبال بيوتاً، فنحتوها، وجوَّفُوها وكانوا في سعة من عيشهم فقالوا: يا صالح! ادعُ لنا ربك يخرج لنا آية تعلم أنك رسول الله. فدعا صالح ربه، فأخرج لهم الناقة، فكان شِرْبُها يوماً، وشربهم يوماً معلوماً. فإذا كان يومُ شِرْبِها، خلوا عنها، وعن الماء وحلبوها لبناً ملءَ كل إناءٍ، ووعاء، وسقاء، فأوحى الله، جلّ ذكره، إلى صالح: أن قومك سيعقرون الناقة، فقال لهم صالح ذلك، فقالوا: ما كنا لنفعل ذلك، فقال لهم: إلا تعقروها أنتم يوشك أن يولد فيكم مولود يعقرها. قالوا: ما علامة ذلك المولود؟ قال: فإنه غلام أشقر، أزرق، أصهب، أحمر. وكان في المدينة شيخان عزيزان منيعان، (وكان) لأحدهما ابن يرغب له عن المناكح، وللآخر ابنة لا يجد لها كفؤاً. فجمع بينهما مجلس، فزوّج أحدهما ابنته لابن الآخر، فولد بينهما ذلك المولود. وكان في المدينة ثمانية رهطٍ، يفسدون في الأرض، ولا يصلحون، فقال صالح لقومه: اختاروا ثماني نسوة، قوابل من القرية، واجعلوا معهن شُرَطاً، فكانوا يطوفون بالقربة، فإذا وجدوا امرأة تَلِدُ، نظروا صفة ولدها إن كان ذكراً. فلما رأيْنَ ذلك المولود صرخن، وقلن: هذا الذي يريد رسول الله صالح. فأراده الشرط، فحال جداه بينهم وبينه، وقالا: لو أن صالحاً أراد هذا قتلناه. فكان شر مولود، فشب في سرعة، واجتمع الثمانية الذين يفسدون في الأرض، وفيهم الشيخان، فاستعملوا على أنفسهم (الغلام) لمنزلته، وشرفه. وكانوا تسعة، وكان صالح لا ينام معهم في القرية. كان ينام في مسجد له خارج القرية. فإذا أصبح أتاهم، فوعظهم، وذكرهم ".

وروى ابن جريج أن صالحاً أمر بقتل الولدان، فقتل أبناء ثمانية رهط. وكان لهم صاحبٌ ترك ابنه فكبر. فقال الثمانية: لو أنا لم نقتل أبناءنا لكانوا مثل هذا الغلام.

السابقالتالي
2