الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـٰذَا فَٱصْبِرْ إِنَّ ٱلْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ } * { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ } * { يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ }

قوله: { قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ } - إلى قوله - { وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ }.

والمعنى: قال الله عز وجل، يا نوح! اهبط من الفلك إلى الأرض سلامة، وبركات عليك، وعلى أمم ممن معك: أي: من ذرية من معك: أي: من ذرية من معك من ولدك، وولد من معك من المؤمنين الذين سبقت لهم السعادة قبل خلقهم.

ثم قال تعالى مخبراً عن الكافرين من ذرية من معه: { وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ }: فلذلك رفعت الأممُ ها هنا، ولا تخفض، لأنها ليست ممن بارك الله عليها، ودعا لها بالسلامة، وإنما هو بمنزلة: رأيت زيداً، وعَمْرو جالس.

ومعنى: { سَنُمَتِّعُهُمْ }: أي: " سنرزقهم في الحياة الدنيا ما يمتعون به إلى أن يبلغوا آجالهم ".

{ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ }: أي: في القيامة.

قال محمد بن كعب القرظي: دخل في هذا السلام والبركة، كل مؤمن؛ ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في هذا العذاب كل كافر، وكافرة إلى يوم القيامة.

ممن معك: وقف، وأجاز الفراء " وأمماً " ممن معك بالنصب على معنى ونمتع أمماً.

ثم قال تعالى: { تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ } أي: تلك القصة، بمعنى: هذه القصة من الأخبار الغائبة عنك يا محمد، وعن قومك، لم تكونوا تعلمونها من قبل إخبارنا لكم، فإخبارك إياهم بهذا يدل على صدقك، ونبوتك لو عقلوا. (فاصبر): على قولهم، وعلى القيام بأمر الله عز وجل، في التبليغ، وعلى ما تلقى منهم.

{ إِنَّ ٱلْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ } وهذا إشارة إلى القرآن. ()

ثم قال تعالى: { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً }: أي: وأرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً. هو معطوف على قوله /وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً (إِلَىٰ قَوْمِهِ) } [هود: 25] وسمي هود أخاهم، لأنه منهم، ومبين بلسانهم، وقيل: سمي بذلك لأنه من ولد آدم، بشر مثلهم.

وعاد: قبيلة، وهو ابن أبيهم الأكبر، فلذلك قال أخوهم، وهو هود بن عبد الله بن عاد بن عادية بن عاد بن أرام بن الخالد بن عابر. قال لهم (هود): { يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ } إلا هو، ولا يستحق العبادة إلا هو.

{ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ }: أي: ما أنتم في اتخاذكم إلهاً غيره إلا كاذبون. ثم قال لهم: { يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً }: أي: ليس أسألكم على ما دعوتكم إليه، كم من إخلاص العبودية لله، عز وجل، أجراً، ما أجري في ذلك إلا على الله سبحانه، { ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ }: أي: خلقني.

ثم قال: { وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ }: أي: سلوه المغفرة من عبادتكم غيره، { ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } من عبادة غيره. فإن فعلتم ذلك أرسل عليكم السماء مدراراً: أي: قطر السماء متتابعاً.

السابقالتالي
2