الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }

قوله: { أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ } إلى قوله: { مُّبِينٍ }.

(ألا): استفتَاحُ كلام، و { يَثْنُونَ }: من ثنيت، وهو فعل المنافقين، كانوا إذا مروا بالنبي يثني أحدهم صدره، ويطأطأ رأسه.

وقيل: نزلت فيما، كان المنافقون يبطلون من عداوة النبي، وبغضه، أعلمه أن الله عز وجل يعلم ما تنطوي عليهم صدورهم من ذلك، وإنْ غطوا عليه رؤوسهم بثيابهم، ليستتروا، فهو يعلم ما في صدورهم في كل حال من أحوالهم.

يعني بالمنافقين: كفار قريش، لا المنافقين من أهل المدينة. لأن السورة مكية.

وقال مجاهد: ظنوا أن الله، عز وجل لا يعلم ما في صدورهم.

وقال الحسن: جهلوا أمر الله عز وجل.

ثم قال تعالى: { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } أي: ألا حين يلبسون ثيابهم في ظلمة الليل، في أجواف بيوتهم. يعلم ذلك الوقت سرهم وجهرهم.

{ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } وقيل: إن أحدهم كان يثني ظهره، ويستغشي ثوبه، وقيل: إنهم إنما كانوا يفعلون ذلك لئّلا يسمعوا كتاب الله عز وجل. قاله قتادة.

وقيل: إن هذا إخبار من الله (عز وجل) عن المنافقين، أنه يعلم ما تنطوي عليه صدورهم من الكفر.

وقال ابن زيد: " هذا حين يناجي بعضهم بعضاً ".

وقرأ ابن عباس: " ينثوي " صدورهم على مثال " ينطوي. " قال: كانوا لا يأتون النساء، ولا الغائط إلا وقد تغشوا ثيابهم كراهة أن يفضوا بفروجهم إلى السماء ".

وقيل: كان بعضهم ينحني على بعض ليُساره. وبلغ من جهلهم أنهم ظنوا أن ذلك يُحفى على الله سبحانه.

ورُويَ عن ابن عباس أيضاً أنه قرأ تنثوي.

وعنه أيضاً أنه قرأ: " تثنوني " ، مثل: تَفْعوعِلُ. ومعناه: المبالغة مثل " احلَوْلى ": إذا بلغ الغاية في الحلاوة، والهاء في " منه " للنبي صلى الله عليه وسلم، على القول الأول، وهي " إنه لله عز وجل، على القول الثاني.

وعن ابن عباس: ألا حين يستغشون ثيابهم: " أي: يغطون رؤوسهم ".

والوقف عند الأخفش، والفراء، وابن كيسان على ذات بالتاء، لأن هذا الاسم لا يستعمل إلا مضافاً. فصارت التاء في وسط الكلام. وعليه جماعة القراء. والوقف عند الكسائي بالهاء، وهو قول الجُرْمي، لأنه ثانية الأسماء، وهو اختيار أبي حاتم.

{ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ } وقف. { وَمَا يُعْلِنُونَ } ، وقف /.

ثم قال تعالى: { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا }: أي: يتكفل بذلك حتى تموت. يعني: بدابة: كل ما دب، ودرج على وجه الأرض من إِنسيّ، أو جني، أو بهيمة، أو هامّة، والهامَّةُ كل ما يدُب سميت بذلك لأنها تهم، أي: تدب.

السابقالتالي
2