الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } * { وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ } * { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ }

قوله: { وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا } إلى قوله { إِلاَّ قَلِيلٌ }.

والفلك: السفينة، يكون واحداً، وجمعاً.

قال ابن عباس: أوحي إليه: أن يصنع الفلك فلم يدر كيف يصنعها، فأوحي إليه أن يصنعها على مثال جُؤجؤ الطير. ومعنى: { بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا }: أي: كما نأمرك.

قال قتادة: / بعين الله، ووحيه.

(وقيل: بأعيننا: بحفظنا، وقيل: بعلمنا، وقيل: إن الملائكة كانت تريد ذلك).

وقيل: معنى: (بأعيننا ووحينا): أي: بتعليمنا كيف تصنعه.

وقوله: { وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ }: أي: لا تسألني في العفو عنهم. قال ابن جريج: معناه: لا تراجعني.

ثم أعلمنا الله عز وجل، أنه أخذ يصنع السفينة، وأن: { كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ } أي: جماعة، وكبراء { سَخِرُواْ مِنْهُ }: أي: هزأوا به، يقولون له: أتحولت نجاراً بعد النبوءة؟ وتعمل السفينة في البر؟ فيقول لهم نوح: { إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا } اليوم، { فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ } في الآخرة { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } إذا عاينتم العذاب { مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } أي: من هو أحمد عاقبة منا، ومنكم.

و " من " تكون هنا خبراً، واستفهاماً، وتقريراً، إعرابها في الوجهين ظاهر. (وروت عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " لو رحم الله (أحداً من قوم نوح) لرحم أم الصبي، كان نوح قد مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، يدعوهم إلى الله عز وجل، حتى كان آخر زمانه غارس شجرة، فعظمت، وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعمل سفينته. ويمرون، فيسألونه، فيقول: أعمل سفينة. فيسخرون منه، ويقولون: تعمل سفينة في البر، فكيف تجري؟ فيقول: سوف تعلمون. فلما فرغ منها، وفار التنور، وكثر الماء في السِّكَكِ، وخشيت أم الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل، حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء، خرجت حتى بلغت ثلثي الجبل، فلما بلغها الماء، خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبتها، رفعته بيديها حتى ذهب بها الماء ".

قال قتادة: كان طول السفينة ثلاثمائة ذراع، وعرضها خمسون ذراعاً، وطولها في السماء ثلاثون ذراعاً، وبابها في عرضها.

وقال الحسن: كان طول السفينة ألف ذراع، ومائتيِ ذراع، وعرضها ستمائة ذراع.

وقال عكرمة: إنما طولها ثلاثمائة ذراع، وعرضها ورفعها ثلاثون ذراعاً.

وعن الحسن، (رحمة الله عليه، أيضاً)؛ أنه قال: كان طولها ألف ذراع، في خمسمائة ذراع، وبابها في جنبها.

قال: أبو رجاء: كانت مطبقة.

وقيل: إنها كانت: ثلاث طبقات: طبقة فيها الدواب والوحوش، وطبقة فيها الإنس، وطبقة فيها الطير. فلما كثر أرْوَاتُ الدواب أوحى الله عز وجل، إلى نوح: أن أغْمزْ ذنبَ الفيل، فغمزه. فوقع منه خنزير وخنزيرة، فأقبل على الروث. ثم إن الفأر وقع بحبل السفينة يقرضه، فأوحى الله إلى نوح أن اضرب بين عيني الأسد، فضرب، فخرج من منخره سنور وسنورة، فأقبل على الفأر.

السابقالتالي
2 3 4