الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أُوْلَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ ٱلأَشْهَادُ هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } * { أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ }

قوله: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } إلى قوله { هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ }.

والمعنى: من أعظم جرماً ممن اختلق على الله سبحانه، الكذب، أي: كذب بآياته، وحججه، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، وما جاء به.

{ أُوْلَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ } ، يوم القيامة، فيسألهم عن أعمالهم في الدنيا.

قال ابن جريج: ذلك الكافر، والمنافق.

{ وَيَقُولُ ٱلأَشْهَادُ }: الذين شهدوا على أعمالهم، وحفظوها عليهم:

{ هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ } في الدنيا { أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ }: أي: غضبه، وإبعاده من رحمته.

قال مجاهد: الأشهاد هنا: الملائكة الحفظة، وكذلك قال قتادة. وقال الضحاك: الأشهاد: الأنبياء، والرسل، صلوات الله عليهم، يقولون: هؤلاء الذين كذبوا بما جئنا به من عند ربنا.

ثم بين تعالى الظالمين مَنْ هُمْ فقال: { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ }: أي: يُزَيِّغون أن يدخلوا في الإيمان. { وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً }: أي: يلتمسون لسبيل الله عز وجل، العوج والزيغ. وسبيل الله هو الإيمان به، وبما جاء من عنده، وهم مع ذلك { بِالآخِرَةِ هُمْ / كَافِرُونُ }: أي: جاحدون، لا يصدقون بالبعث، { عَلَىٰ رَبِّهِمْ }: وقف.

ثم قال تعالى: { أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ } والمعنى: أولئك الذين هذه صفتهم، لم يكونوا معجزين ربهم، سبحانه، في الأرض بهرب، أو باستخفاء، إذا أراد عقابهم. { وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ }: أي: ليس لهم من يمنعهم من الله عز وجل، إذا أراد الانتقام منهم.

ثم قال تعالى: { يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ } ولا يعقلون عن الله عز وجل. { وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ }. ولا يهتدون إلى رشدهم. وقيل: إن المعنى يضاعف لهم العذاب أبداً: أي: وقت استطاعتهم السمع والبصر.

وقيل: إن " ما " للنفي، فيحسن الابتداء بها على هذا، ولا يحسن على القولين الأولين.

ومعنى النفي هنا أن الضمير في " يستطيعون " ، و " يبصرون ": الأصنام، والنفي عنها: أي: لم تكن تسمع، ولا تبصر. وهذا التأويل مروي عن ابن عباس.

وقيل: المعنى: إن الضمير " لهم " ، والنفي " عنهم ": أي: لم يكونوا ليسمعوا شيئاً ينفعهم من الإيمان، ولا يبصرونه، لأن الله، عز وجل، حال بينهم وبين ذلك، لما سبق في علمه، فهو مثل قوله:يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ } [الأنفال: 24]: أي: بين الكافر والإيمان، وبين المؤمن والكافر. ومثلهوَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } [السجدة: 13]، ومثلهوَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي ٱلأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً } [يونس: 99] بالله، عز وجل. ختم على قلوبهم، وعلى أبصارهم بكفرهم. قال ذلك قتادة، فقال: فهم صمٌّ عن الحق، فما يسمعونه، بُكْمٌ، فما ينطقون به. عميٌ فلا يبصرون.

وروي عن ابن عباس رضي الله عنه، إن المعنى: لا يستطيعون أن يسمعوا سماع منتفع بما يسمع، ولا يبصرون إبصار مُهتَدٍ، لاشتغالهم بالكفر.

السابقالتالي
2