قوله { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ } - إلى قوله - { وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ }. وقال أبو جعفر: " وزُلُفاً " بضم اللام. وقرأ ابن مُحيصن بإسكان اللام فمن فتح اللام، فهو جمع واحده زلفة، وزلف، ومن ضم اللام فواحدةٌ " زليف " كقريب، وقرب. وقيل: هو واحد مثل الحلم، والحلم. وقرأ مجاهد: " وزلفى " مثل " فعلى ". والزلف: الساعات، واحدها زلفة. ومن هذا سميت المزدلفة، لأنها منزل بعد عرفة. وقيل: سميت (بذلك) لازْدِلافِ آدم من عرفة إلى حوَّاء، وهي بها. ومن أسكن اللام خففها من " زلفى " بالضم. ويعني بالزلف: الساعات القريبة من الليل. ومعنى الآية: { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ } ، يعني: الغداة، والعشي، فالغداة الصبح، والعشاء عند مجاهد هي صلاة الظهر. ورُوي عنه: الظهر والعصر، وقيل: عنى بها صلاة المغرب، وهو قول الحسن، وابن زيد. وروي عن منصور، عن مجاهد أنه قال: { طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ } صلاة الفجر، والظهر، { وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ }: المغرب والعشاء. وقال الضحاك: عنها بها صلاة العصر. وقال مجاهد: وزلفاً من الليل: أي: ساعات من الليل: صلاة العتمة. وروي عن الحسن: أنها صلاة المغرب، والعتمة. والاختيار عند الطبري، وغيره أن تكون صلاة المغرب، لأنها طرف، تصلى بعد غروب الشمس، كما صلاة الصبح طرف، تصلى قبل طلوع الشمس: فكلاهما طرف. وقوله تعالى: { إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ }. (روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر " " وقال أبو عثمان النهدي: كنت مع سلمان تحت شجرة، فأخذ غصناً منها، فهزَّه حتى تساقط ورقه، ثم ضحك، فقلت: ما أضحكك؟ قال: إني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوماً تحت شجرة، فأخذ غصناً منها، فهزَّه حتى تساقط ورقه، ثم ضحك. فقلت: ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: أضحكني أن العبد المسلم إذا توضأ وضوءه للصلاة، ثم صلى الصلوات الخمس، تساقطت عنه ذنوبه كما تساقطت هذه الورق، ثم تلى هذه الآية { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } - إلى آخرها ". وروي عن مجاهد، عن ابن عمر، أنه قال: " ما من مسلم يتوضأ، فيحسن الوضوء، إلا تناثرت عنه خطاياه، كما تتناثر ورق الشجرة اليابسة. ثم تكون صلاته نافلة (له) " ثم قرا ابن عمر: { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } الآية قال ابن عباس وغيره: هي الصلوات الخمس. وقال مجاهد: هو قولنا: سبحان الله /، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. وقيل: المعنى: أن التوبة تذهب الصغائر. { ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ }: أي: النهي عن الركون إلى الذين ظلموا، وإقامة الصلاة تذكرة لقوم يذكّرون، وعد الله عز وجل، وثوابه، وعقابه، سبحانه.