قوله: { وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ } - إلى قوله - { ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ }. قرأ الزهري: " وإن كلاًّ " بالتشديد، لما " بالتنوين مشدداً أيضاً، وقرأ الأعمش: ( " وإن كلا " بتخفيف " إنْ " ، ورفع " كل " وتشديد " لما ". (وفي حرف أبي ": " وإن كلّ " إلا ليوفينَّ " ربك أعمالهم ". وفي حرف ابن مسعود: " وإن كل) إلا ليوفينهم ربك أعمالهم ". ومن شدَّدَ " إنَّ " نصب " كلاً " بها. واللامُ في " لمَا " لام تأكيد. و " ما " صلة، هذا على قراءة التخفيف. والخبر في " ليوفينهم ". والتقدير: وإن كلاً ليوفينهم. وقراءة من خفف إنْ، ونصب " كلا " على هذا التقدير، إلا أنه، خفف " إن " وأعملها كما يعمل الفعل، وهو محذوف منه. وأنكر الكسائي التخفيف والعمل. وقال الفراء: من خفف " إن " نصب " كلاً " بقوله: " ليوفينهم، وهذا لا يجوز أن يعمل ما بعد اللام فيما قبلها. ومن شدد " إن " و " لما " فهي غير جائزة عند المبرد، والكسائي. قال المبرد: لا يجوز: " أن زيداً إلا لأضربنه ". وقال الفراء: الأصل " لمن ما " ، فاجتمعت ثلاث ميمات عند الإدغام، فحذفت إحداهن. وهذا لا يجوز عند البصريين. وقال المازني: الأصل التخفيف في " لمَا " ، ثم ثقلت. وهذا أيضاً لا أصل له، (و) يجوز (تثقيل المخفف)، إلا لمعنى. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: الأصل " لما " بالتنوين، من لممته لمّا: أي: جمعته، ثم بني منه فَعْلى، كما قرأ: " تثرا، و " تثري ". ومن خفف " إن " ، وشدد " لما " ، " فإن " بمعنى " ما " ، و " لما " بمعنى " ألا " حكى ذلك الخليل، وسيبويه بمنزلة قوله:{ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } [الطارق: 4] أي: إلا عليها حافظ والقراءات الثلاث تكون فيها " إن " بمعنى " ما " لا غير. وقد قيل في قراءة من شدد " إنَّ " وخفف " لما ": إنَّ (ما) بمعنى: " من ". وإن المعنى: وإن كلا { لَّمَّا } ليوفينهم ربك أعمالهم، كما قال:{ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ } [النساء: 3]: أي: ما طاب لكم نكاحه. وقوله: { إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }: أي: " لا يخفى عليه شيء من عملكم ". ثم قال تعالى: { فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ }: أي: دم يا محمد على ما أنت عليه.