الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ } * { فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } * { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } * { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ } * { وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ }

قوله تعالى: { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ } إلى آخرها.

يجوز، أن تكون " أرأيت " من رؤية العين، فلا يقدر في الكلام حذف. ويجوز أن يكون من رؤية القلب، فتُقَدّرُ الحذف للمفعول الثاني، والتقدير على ذلك: أرأيت الذي يكذب بالدين بعد / ما ظهر له من البراهين، أليس مستحقاً عذاب الله؟... والمعنى: أرأيت - يا محمد - الذي يكذب بثواب الله وعقابه؟! فلا تطعه في أمره ونهيه. قال ابن عباس: { ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ } أي: بحكم الله جل ذكره. وقال ابن جريج { بِٱلدِّينِ }: بالحساب.

[والدين] عند أهل اللغة في هذا وشبهه بمعنى الجزاء، كما قالمَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } [الفاتحة: 4]، أي: يوم الجزاء، ومنه قولهم: كما تدين تدان، أي كما تجزي تجازى.

فالمعنى: أرأيت يا محمد هذا الذي يكذب بالجَزاء فلا يعمل خيراً ولا ينتهي عن شر، فهو الذي يدع اليتيم، أي: يدفعه، لأنه لا ينتظر عقاباً على عَمله ولا جزاء.

ثم قال تعالى: { فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } أي: فهذا الذي يدفع اليتيم [عن] حقه ويظلمه.

[يقال]: دعَعْت فلاناً عن حقه، فأنا أدعهُ دعَّا.

قال ابن عباس: " { يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } ، أي: " يدفَعُ اليتيم.

وقال مجاهد: { يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } ، أي: يدفع اليتيم فلا يطعمه ".

وقال قتادة: " يقهره ويظلمه ". وقال إبراهيم بن عرفة: يدفع اليتيم عن حقه.

ثم قال تعالى: { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } أي: لا يحض غيره على طعام المحتاج إلى الطعام.

ثم قال تعالى: { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } أي: فالوادي الذي يسيل من صديد أهل النار للسّاهين عن صلاتهم الذين يصلون ولا يريدون بصلاتهم وجه الله.

وقال ابن عباس: [هم] الذين يؤخرونها عن وقتها. وهذه رواية تخالف [قول] جميع المفسرين، وقد رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم. فهي من أشد آية نزلت في المصلين على هذا التأويل إن صح. وعن ابن عباس أيضا أنه قال: هم المنافقون، كانوا يراءون (الناس) بصلاتهم إذا حضروا، ويتركونها إذا غابوا، ويمنعون المؤمنين العارية من الماعون بُغْضاً لهم.

وقال مجاهد: { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } هو " الترك لها ". وعنه أنه قال: هم لاهون عنها.

وقال قتادة: هم غافلون لا يبالي أحدهم صلى أو لم يصل.

وقال ابن زيد: " يصلون وليس الصلاة من شأنهم ".

وقال [سعد] بن أبي وقاص: " [سألت] رسول الله صلى الله عليه وسلم عن { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } فقال: هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ".

ورَوى [أبو بزرة الأسلمي] " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - لما نزلت هذه الآية: الله أكبر هذه خير لكم من [أن لو أعطي] كل رجل منكم مثل جميع الدنيا، هو الذي إن صلى لم يرج خير صلاته وإن تركها لم يخف ربه "

السابقالتالي
2