الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ } * { أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ } * { وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ } * { تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ } * { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ }

قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ } إلى آخرها.

قوله: { أَلَمْ تَرَ }: تكون بمعنى التعجب، وتكون بمعنى التفخيم، وبمعنى التهويل والتعظيم.

والمعنى: ألم تر يا محمد بعين قلبك كيف فعل ربك بأصحاب الفيل؟! وهو مَلك اليمن [أبرهة] الحبشي، وكان تحت يد النجاشي، أتى مع جنده إلى بيت الله الحرام ليخربه، وكان سبب إتيانه ما ذكره ابن إسحاق وغيره في حكاية طويلة أنا أذكر معناها، على اختصار إن شاء الله.

وذلك أن أبرهة بنى [لملك الحبشة] كنيسة بصنعاء، وكان نصرانياً، وسمّاها القليس، وكتب إلى النجاشي ملك الحبشة أني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة، ووصفها ومدحها (له) وقال: إني لست بمنته حتى أصرف إليها حاج العرب، فبلغ ذلك العرب من قول أبرهة، فغضب رجل من العرب لذلك، فذهب حتى أتى الكنيسة فأحدث فيها ثم رجع إلى قومه، فأخبر أبرهة بذلك، فقال: من صنع هذا؟! فقيل له: صنعه رجل من أهل هذا البيت الذي يحج إليه بمكة. فغضب عند ذلك أبرهة وحلف [ليَسيرن] إلى البيت وليهدمنه.

ثم إن أبرهة وجه رجلاً من العرب يدعو العرب لحج الكنيسة التي بنى أبرهة، فقتلته [العرب]، فبلغ ذلك أبرهة فزاده غيظاً [وحنقاً] على البيت وعلى من قتل رسوله من العرب، فحلف ليغزون قاتلي رسوله، - قيل: هم بنو كنانة -، وحلف لَيَهدِمَنَّ البيت.

ثم تأهب (مع) الحبشان وخرج ([لهدم] البيت وغزو بني كنانة. وخرج) معهم بالفيل، فاجتمع عليه بعض العرب لتقاتله وترده عن مذهبه ومراده فهزمهم أبرهة وأسَرَ رَئِسَهم - واسمه ذو نفر - فأراد قتله ثم تركه [وثقفه] معه، ثم خرج إليه نفيل بن حبيب [الختعمي] في قبيلتي ختعم، فقاتله فهزمه أبرهة وأسره وعفا عنه ولم يقتله.

فلما مر بالطائف، خرج إليه مسعود بن معتبٍ في رجال ثقيف وطلبوا منه السّلم، فأعطاهم السلام ووجهوا معه أبا رغال، [فخرج معه أبو رغال] حتى أنزله المغمس، ثم مات أبو رغال بالمغمس فدفن هناك، فالعرب ترجم قبره من ذلك الوقت إلى الآن.

ثم إن أبرهة وجه بخيل إلى نحو مكة، [فاستاقت] له أموال أهل مكة. وكان لعبد المطلب (فيها) [مائتا] بعير، وكان سيد قريش (يومئذ).

فهمت قريش ومن يقرب منهم من العرب [بقتال] أبرهة، ثم علموا أنهم لا طاقة / لهم به، فتركوا [ذلك].

ثم إن أبرهة وجه إلى مكة يقول [لرئيسها]: إني لم آت لحربكم، إنما جئت لهدم البيت، فإن لم تعرضوا دونه [لي] بحرب فلا حاجة لي بدمائكم. وأمره أن يأتيه [بالرئيس] إن كان لا يريد حَربه، (فأتى [الرئيس]، وسأل عن [رئيس] القوم فدل على عبد المطلب، فبلغه الرسالة، فقال عبد المطلب: والله، ما نريد حربه)، وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله وبيت خليله إبراهيم عليه السلام، فإن يمنعه فهو بيته وحرمه، وإن لم يحل بينه وبينه، فهو الله ما عندنا من دفع عنه.

السابقالتالي
2 3 4