الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } * { ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ } * { يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } * { كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ } * { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ } * { ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ } * { إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } * { فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ }

قوله تعالى: { ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } إلى آخرها.

أي: قبوح لكل طغان (في الناس، عيّاب لهم).

وقيل: ويل: واد في جهنم يسيل بصديد أهل النار، وقد تقدم [ذكر هذا].

والهمزة: الذي يغتاب الناس ويطعن فيهم.

وقال ابن عباس: هو المشّاء بالنمائم المفرّق بين الناس.

وقال مجاهد: الهمزة: الذي يأكل لحوم الناس، (يعني: يغتابهم). قال: واللمزة: الكافر.

وعنه أيضاً أنه قال: " الهمزة الطعان، واللمزة الذي يأكل لحوم الناس.

قال أبو العالية: " الهمزة يهمزه في وجهه، واللمزة من خلفه " وقال قتادة ([يهمز] ويلمز بلسانه) وعينه، ويأكل لحوم الناس ويطعن عليهم.

وقال عبد الله بن أبي نجيح: الهمزة باليد والعين، واللمزة باللّسان.

وقال ابن زيد: الهمزة: الذي يهمز (الناس) بيده وقد يضربهم، واللمزة الذي يَلمِزُهُم بلسَانِه ويعيبهم.

وقيل: إنها نزلت في جميل بن عامر الجمحي.

وقيل: في الأخنس بن شريق.

قال ابن عباس: هو مشرك، كان يهمز الناس ويلمزهم.

وقال مجاهد: هي عامة.

ثم قال تعالى: { ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ }.

أي: جمعه وأحصى عدده ولم ينفقه في سبيل الله ولا أدى حق الله منه.

وقرأ الحسن: " وعَدَدَه " ، بالتخفيف، يريد: عَدَّه، ثم أظهر التضعيف، وهو بعيد، إنما يجوز في الشعر، كما قال:
أَنِي [أَجوَدُ] لأَقْوَامٍ وَإِنْ [ضَنِنُوا].   
وقيل: إنما قرأ ذلك على معنى: الذي جمع مالاً (وجمع) عدده، [أي]: عشيرته، فيكون عطفاً على المال، وذلك حسن.

ثم قال تعالى: { يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ }.

أي: يظن هذا الجامع للمال ولا ينفقه في سبيل الله، ولا يخرج حق الله منه.

وقيل: { عَدَّدَهُ } من العدة، أي: [اعتد] به ودفعه ذخيرة، ومنه:أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ } [الكهف: 29].

وقيل: (إن) معنى (وعدده)، أي: كثره، يحسب أن ماله مخلده في الدنيا فلا يموت.

ووقع { أَخْلَدَهُ } في موضع " يخلده " ، كما يقال للرجل يأتي الذنب الموبق: دخل، والله، فلان النار أي سيدخلها. ويقال للرجل يأتي المرء يهلك فيه: عطب، والله، فلان، أي: سيعطب.

وقيل: إن الفعلَ على حاله ماضياً، والمعنى: يحسب هذا الإنسان أن ماله أحياه في الدنيا فيما مضى من عمره. هذا معنى قول ابن كيسان.

ثم قال تعالى: { كَلاَّ... } أي: ليس الأمر كما ظن أن ماله يخلده في الدنيا، وهو التمام عند نافع وأبي حاتم ونصير.

والتمام عند الأخفش: { أَخْلَدَهُ }.

ثم قال تعالى: { لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ } أي: ليطرحن في النار، وهذا قسم.

والحطمة: اسم من أسماء النار، سميت بذلك لحطمها كل ما ألقي فيها، كما يقال للرجل الأكول: حُطَمةُ.

وقيل: الحطمة: اسم للباب الثالث من أبواب جهنم. وهي أبواب بعضها فوق بعضٍ تمضي سُفلاً سفلاً، أعاذنا الله منها.

السابقالتالي
2