الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } * { حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } * { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } * { لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ } * { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } * { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ }

قوله تعالى: { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } إلى آخرها.

أي: ألهاكم أيها الناس المباهاة بكثرة المال والعدد (عن طاعة الله حتى).

تعاددتم وتفاخرتم بأهل المقابر.

روي أن بني عبد مناف وسهماً تكاثروا (بالأحياء، فكثر بنو عبد مناف سهماً، ثم تكاثروا) بالأموات، (فكثرتهم سهم)، فأنزل الله جل ذكره: { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } [أي]: حتى تعاددتم وتكاثرتم بالموتى.

قال قتادة: كانوا يقولون: (نحن أكثر من بني فلان، ونحن أعز من بني فلان). وهم كل يوم يتساقطون - أي: يموتون - قال: فوالله ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبول كلهم. فمعنى { [حَتَّىٰ] زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } على هذا) القول: حتى صرتم من أهل المقابر ولم تقدموا عملاً صالحاً.

فالمعنى اشتغلتم بالدنيا والتكاثر من الأموال فيها حتى متم ولم تقدموا لأنفسكم عملاً صالحاً.

وروى مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ }: ابن آدم: ليس لك من مالك إلاَّ ما أكلت فأفنيْت، أو لبِست فأبليت، أو تصدقت فأمضيتَ ".

وقال أبي بن كعب: كنا نرى أن هذا الحديث من القرآن " [لو أن] لابن آدم [واديين] من مال لتمنى ثالثاً، ولا يملأ جوفَ ابن آدم إلاّ التُّراب، ويتوب الله على من يشاء، حتى نزلت هذه السورة: { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } إلى آخرها ".

ثم قال تعالى: { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ }.

هذا وعيد وتهدد من الله لهم، وفيه دليل على صحة القول بعذاب القبر، لأن الله أخبر عن هؤلاء القوم أنهم سيعلمون ما يحل بهم إذا زاروا المقابر، أي: إذا ماتوا.

قال علي ابن أبي طالب عليه السلام: كنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت هذه السورة.

وقوله: " كلا ": أجاز قوم الوقف عليها على معنى: ما هكذا ينبغي أن يلهيكم التكاثر عن الآخرة! والوقف عند أبي حاتم على " المقابر " ويبتدأ " بكلا " على المعنى: " حقاً " ، أو بمعنى: " ألا ". والوقف عند محمد بن عيسى على " كلا " ، والمعنى عنده: لا ينفعكم التكاثر، ثم يبتدأ: { سَوْفَ تَعْلَمُونَ } أي: سوف تعلمون عاقبة اشتغالكم ولهوكُم في الدنيا عن طاعة الله.

ثم قال تعالى: { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ }.

هذا تكرير فيه تأكيد التهدد والوعيد [والتخويف]، وهو قول الفراء.

والقول في " كلا " - في هذا - كالقول الأول.

وقال الضحاك: { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } للكفار، { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } للمؤمنين، [يعني] العصاة من المؤمنين.

ثم قال / تعالى: { كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ.

السابقالتالي
2