الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْقَارِعَةُ } * { مَا ٱلْقَارِعَةُ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْقَارِعَةُ } * { يَوْمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلْفَرَاشِ ٱلْمَبْثُوثِ } * { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ } * { فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ } * { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ } * { نَارٌ حَامِيَةٌ }

قوله تعالى: { ٱلْقَارِعَةُ * مَا ٱلْقَارِعَةُ } إلى آخرها.

القارعة هي الساعة تقرع قلوب الناس من هولها وعظيم ما ينزل بهم من البلاء عندها، وذلك صبيحة ليلةٍ لا ليل بعدها. قال ابن عباس: القارعة: " " من أسماء يوم القيامة، عظمه الله وحذره عباده ".

وقوله: { مَا ٱلْقَارِعَةُ } ، " ما " استفهام فيه معنى التعظيم والتعجب من هولها، يعجب سبحانه عباده من عظم [هولها]. والمعنى: أي شيء القارعة يا محمد؟! ما أعظمها وأفظعها وأهولها.

ثم قال تعالى: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْقَارِعَةُ }.

أي وما أشعرك يا محمد أي شيء القارعة؟! ثم بينها تعالى فقال: { يَوْمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلْفَرَاشِ ٱلْمَبْثُوثِ }.

فالعامل في " يوم " " القارعة " ، أي القارعة يومَ يكون (الناس) على هذا الحال. و " القارعة " رفع بالابتداء، " وما " ابتداء ثان.

والقارعة خبر " ما " ، والجملة خبر عن " القارعة " الأولى.

وقوله: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْقَارِعَةُ } " ما " ابتداء أيضاً، و " أدراك " فعل ماضي وضمير مفعول، " ما القارعة " ابتداء وخبر في موضع نصب مفعولاً ثانياً " لأدراك " ، والجملة خبر " ما " الأولى.

والفَراش: (هو) ما تساقط في النار وفي السراج، ليس [بذباب] ولا بعوض.

وقال الفراء: هو غوغاء الجراد يركب بعضه بعضاً، [فكذلك] يوم القيامة يجول بعضهم في بعض.

والمبثوث: المنتشر المتفرق.

(وقيل): إنما شبههم بالفراش، لأن الفراش إذا ثار لم يأخذ جهة واحدة، بل يدخل بعضه في بعض، فشبه الناس - إذا بعثوا وفزعوا واختلف مقاصدهم من الحيرة - بالفراش، فإذا سمعوا الدّاعي استقاموا نحوه، فهم في تلك الحال مشبهون بالجراد. التي تقصد إلى ناحية في طيرانها، وهو قوله:كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } [القمر: 7]، فهما صفتان للخلق يوم القيامة في موطنيْن: إحداهما عند. البعث، والأخرى. عند سماع النداء.

ثم قال تعالى: { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ }.

أي: كالصوف المنفوش.

وفي حرف عبد الله: " كالصوف " ، وبه قرأ ابن جبير. والعهن: جمع عهنة، كصوفة وصوف. وهو عند أهل اللغة: المصبوغ من الصوف.

ثم قال تعالى: { فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ }.

أي: فأما من [ثقل] وزنه وزن حسناته.

قال مجاهد /: ليس ثَمَّ ميزان، وإنما هو (مَثَل) ضُرِبَ. وأكثر الناس على أنّ ثَمَّ ميزاناً توزن به (أعمال) العباد كيف شاء الله وعلى ما شاء. [نقول] كما قال، ونوجب ما أَوْجَب، ونؤمن بما في كتاب الله، ولا نتقدم بين يدي الله، ولا نعترض، ولا نكيِّف ما لا علم (عندنا) منه، ولا نحدّه.

ثم قال: { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ }.

السابقالتالي
2