الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ }

قوله: { وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ } إلى قوله: { لَغَافِلُونَ }.

ومن قرأ " إنه " بكسر الهمزة، فعلى الابتداء. وتقدير الكلام: آمنت بالذي كنت به مكذباً. ثم ابتدأ: إنه لا إله إلا الله.

وقيل: المعنى: صرتُ مؤمناً. ثم قال: " إنه مستأنفاً.

وقال أبو حاتم: القول محذوف، والتقدير، قال: آمنتُ فقلت: إنه ومن فتح فمعناه: آمنت بأنه، " فأن " في موضع نصب بحذف الخافض. وعلى مذهب الكسائي في موضع خفض بتقدير الخافض. والمعنى: وقطعنا ببني إسرائيل البحر، { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً }: أي: اعتداء، وظلماً على موسى، ومن معه.

وقرأ قتادة " وعدواً " بالضم والتشديد حتى إذا أدركه الغرق أي: أحاط به. وفي الكلام حذف. والتقدير: " فَغَرَقْناهُ ": " حتى إذا أدرك الغرَق ". قال عليه السلام: " جعل جبريل يدس، أي: يحشو في فم فرعون الطين مخافة أن تدركه الرحمة ".

(وروى ابن وهب أن عون بن عبد الله قال: بلغني أن جبريل عليه السلام، قال: يا رسول الله! والذي نفسي بيده، ما وَلد إبليس، ولا آدم ولداً قطُّ كان أبغض إليَّ من فرعون، وإنه لما { أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } فخشيت أن يعود لها فيُرْحَمَ، فقمت حتى أخذت تربة، من تربة البحر، فحشوتها في فيه).

(وروي أن جبريل قال للنبي عليهما السلام: لقد كببتُ في فيه الماء، مخافةَ أن تدركه الرحمة).

وروي أنه قالها حين أَلْجَمَهُ الماء، وأدركه الغرق.

ثم قال تعالى حكاية عن تعريفه لفرعون قبح ما فعل:

{ آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ }: يعني: أيام حياته إلى الساعة تؤمن، وقد عصيت أيام حياتك { وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ }: أي: من الصادين عن سبيل الله سبحانه.

قال السدي: بعث الله، عز وجل، إليه ميكائيل، فقال له، آلآن وقد عصيت قبل.

ثم قال تعالى: { فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ }: أي: نُلْقيك على نَجْوةٍ من الأرض، أي: على ربوة، ليعتبر من رآك.

وقيل: نخرجك ببدنك الذي نعرفك به / وذلك أنه كان له بدنٌ مذهبٌ، وهو ذرع كانت له.

قال قتادة: لم يصدق طائفة من الناس أنه غرق، فأخرجه الله عز وجل، ليكون عظة، وآية، ينظر إليها من كذب بهلاكه.

وقوله: { لِمَنْ خَلْفَكَ (آيَةً) } ، أي: لمن بعدك.

وقال مجاهد: { بِبَدَنِكَ } ، أي: بجسدك.

قال ابن عباس: لما أغرق الله عز وجل، فرعون، ومن معه. قال: أصحابُ موسى لموسى: إنا نخاف ألا يكون فرعون غرق، ولا نؤمن بهلاكه. فدعا ربه فأخرجه، فنبذه البحر حتى استيقنوا بهلاكه.

قوله: { وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا }: أي: عن أدلتنا على أن العبادة لا تكون إلا لله { لَغَافِلُونَ }: أي: لساهون.