الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } * { قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله: { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا } إلى قوله - { ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }.

المعنى: / " اتخذا لقومكما بمصر بيوتاً " { وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً }: أي: " مساجد تصلون فيها " ، لأنهم كانوا يَفْرَقون من فرعون، وقومه أن يصلوا. فقال لهم: اجعلوا بيوتكم مساجد حتى تصلوا فيها.

قال النخعي: خافوا، فأُمروا أن يصلوا في بيوتهم.

(وعن ابن عباس، قال مجاهد: كانوا لا يصلون إلا في البيع خائفين، فأُمروا أن يصلوا في بيوتهم).

وعن ابن عباس: (واجعلوا بيوتكم قبلة): يعني: قِبَل الكعبة.

وقيل: كان فرعون أمر بهدم الكنائس، فأمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد، يصلون فيها سِرّاً.

قال مجاهد: مِصْرُ هنا الإسكندرية.

وقال ابن جبير: المعنى: واجعلوا بيوتكم يقابل بعضها بعضاً.

{ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } ، أي: بحدودها. { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }: هذا (خطاب) للنبي صلى الله عليه وسلم، أي: وبشر مُقيمي الصلاة بالثواب الجزيل.

ثم قال تعالى حكاية عن قول موسى أنه قال: { رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً } ، { رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ }: المعنى: إنه لما آل أمرهم إلى هذا كان كأنه إنما أتاهم ذلك للضلال. وأصل هذا اللام لام كي، وقيل هي لام العاقبة.

وقيل: هي لام الفاء، أي: فكان لهم ذلك، لأنه قد تقدم في علمه تعالى ذلك.

وقيل: المعنى: لئلا يضِلُّوا وحذفت " لا " كما قال:يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } [النساء: 176]. وهذا القول لا يحسن، لأن العرب لا تحذف لا إلا مع " أن ". ومعنى الآية: أن موسى قال: يا رب إنك أعطيت فرعون، وعظماء قومه، وأشرافهم (زينة): يعني من متاع الدنيا وأثاثها (وأموالاً) يعني من الذهب والفضة.

{ رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ } ، أي: أعطيتهم ذلك ليضلوا، ثم دعا عليهم موسى، فقال: { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ } ، أي: اذهبها، وغيرها، واجعلها حجارة.

قال مجاهد: " اجعل سكرهم حجارة ".

قال قتادة: جعل زرعهم حجارة.

قال مقاتل: جُعلت دنانيرهم، ودراهيمهم حجارة منقوشة، كهيئتها على ألوانها، لتذوب، ولا تلين، فجعل الله سكرهم حجارة.

قال قتادة: تحول زرعهم، وكذلك قال الضحاك.

وقال ابن عباس: (اطمس عليها: أي: دمِّرها، وأهلِكْهَا. وكذلك قال مجاهد.

واشدد على قلوبهم): أي: حتى لا تنشرح للإيمان، فلا تؤمن.

وقال مجاهد: اشدد عليها بالضلالة.

قال ابن عباس: استجاب الله عز وجل من موسى، فحال بين فرعون وملئه، وبين الإيمان حتى أدركه الغَرق، فلم ينفعه الإيمان.

والعذاب الأليم في هذه الآية: الغرق.

قوله: { فَلاَ يُؤْمِنُواْ } قال المبرد: موضعه موضع نصب، وليس بدعاء. وهو معطوف على " ليضلوا " وهو قول الزجاج.

وقال الكسائي، وأبو عبيدة: هو دعاء في موضع جزم.

وقال الأخفش، والفراء: هو جواب الدعاء في موضع نصب، مثل: إلى سليمان فَنستريحا - البيتَ -.

السابقالتالي
2