الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } * { فَقَالُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ }

قوله / { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ } إلى قوله { مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ }. والمعنى: أنه لم يؤمن لموسى، صلوات الله عليه، من قومه مع ما جاءهم به من الحجج إلا ذرية من قومه، وهم خائفون من فرعون وملإهم.

قال ابن عباس: الذرية في هذا الموضع القليل، وكذلك قال الضحاك.

وقال مجاهد: إن المعنى ما آمن لموسى إلا أولاد من أرسل إليهم، والمرسل إليهم هلكوا غير مؤمنين، وذلك لطول الزمان. وهو اختيار الطبري.

ورُوي عن ابن عباس أيضاً (من قوم فرعون) قال: وهم قوم من قوم فرعون، غير بني إسرائيل، منهم امرأة فرعون، ومومن آل فرعون، وخازن فرعون، وامرأة خازنه.

وقال بعض أهل اللغة: إنما قيل لهم " ذُرِيَّةَ " ، لأن آباءهم قِبْطٌ، وأمهاتهم من بني إسرائيل. كما قال لأبناء الفرس الذين أمهاتهم من العرب، وآباؤهم من الفرس أبناء.

وقوله تعالى: { وَمَلَئِهِمْ } بالجمع: الضمير راجع إلى فرعون، لأن الجبار يخبر عنه بلفظ الجمع.

وقيل: إنه إنما فعل ذلك، لأن فِرْعَون لما ذكر، علم أن معه غيره. فعاد الضمير عليه، وعلى من تَضَمَّنَ الكلام ذكره.

وقيل: المعنى على خوفٍ من فرعوْن وملئهم. ثم حذف مثل:وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ } [يوسف: 82].

وقال الأخفش: الضمير يعود على الذرية، وهو اختيار الطبري، ومعنى: { يَفْتِنَهُمْ } أي: يفتنهم بالعذاب فيصدهم عن دينهم. ووَحَّدَ على الخبر عن فرعون، لأن الخَبَر عنه يدل، على أن قومه يفعلون مثل فعله.

{ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ }: أي: لجبار متكبر.

{ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } أي: من " المتجاوزين الحق إلى الباطل ".

ثم قال تعالى: { وَقَالَ مُوسَىٰ يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ } أي: فوضوا الأمر إليه إن كنتم آمنتم (ولا تخافوا من آل فرعون) { إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ * فَقَالُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا } " أي: به وثقنا " ، وهذا يدل على أن التوكل على الله عز وجل في جميع الأمور واجب، وأنه من كمال الإيمان. وقد قال الله عز وجل:لِلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } [الشورى: 36]، وقال:وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } [الطلاق: 3]، أي: فهو كافيه.

قال ابن عباس: الذرية القليل.

قال مجاهد: الذرية، يعني: أولاد الذين أرسل إليهم موسى من طول الزمان، وقد مات آباؤهم.

قال ابن عباس: كانوا ست مائة ألف. " وذلك أن يعقوب ركب إلى مصر من كنعان في اثنين وسبعين إنساناً فتوالدوا بمصر حتى بلغوا ست مائة ألف ".

قال الفراء: بلغنا أن الذرية الذين آمنوا كانوا سبعين، أهل بيت.

ثم قالوا: { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }: أي: لا تظهرهم علينا، فيفتتنوا بذلك، ويظنوا أنهم خير منا، فيزدادوا طغياناً. وقيل: المعنى: لا تسلطهم علينا فيفتنونا.

وقال مجاهد: المعنى: لا تعذبنا بأيدي قوم فرعون، ولا بعذاب من عندك. فيقول قوم فرعون: لو كانوا على حق ما عذبوا، ولا سلطنا عليهم. وكذلك قال ابن جريج.

وقال ابن زيد: المعنى " لا تَبْتَلِينا " ربنا فتجهدنا، وتجعَلَهُ فتنة لهم "

{ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ }: يعنون قوم فرعون.