الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } * { كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

قوله: { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ } إلى قوله { لاَ يُؤْمِنُونَ }.

{ هُنَالِكَ }: نصب على الظرف، واللام زائدة، وكسرت لالتقاء الساكنين، والكاف للخطاب. والمعنى: في ذلك الوقت.

ومن / قرأ " تتلو " بتاءين فمعناه: في ذلك الوقت تتبع كل نفس ما قدمت من عمل.

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يَمْثُلُ لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله سبحانه فيتبعونه حتى يردوا بهم إلى النار. ثم تلا هذه الآية ".

والعرب تقول: فلان " يتلو طريقة أبيه ": أي: يتبع، ومنه قوله:وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } [هود: 17].

وقيل: معنى { تَتْلُو } تقرأ. أي: في ذلك الوقت يقرأ كل إنسان ما أسلفه في الدنيا من عمل، أي: يقرأ كتاب حسابه كما قال:وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً } [الإسراء: 13].

وقال ابن زيد: تتلو: تعاين ما عملت.

ومن قرأ " تبْلو " بالباء فمعناه: تختبر كل نفس ثواب ما عملت من خير، أو شر. وتصديق ذلك قوله:يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } [الطارق: 9]، والقراءتان متقاربتان، لأن من اختبر شيئاً فقد اتبعه ليختبره ومن اتبع شيئاً فهو أقرب الناس إلى اختباره وقراءته ومعاينيه.

قوله: { مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ } يجوز نصب الحق على المصدر المؤكد لردوا، أو لمولاهم. ويجوز نصبه على المدح بمعنى " أغنى " ويجوز الرفع على " هو مولاهم الحق " ، والخفض على النعت لله عز وجل.

{ وَضَلَّ عَنْهُمْ }: أي: بطل ما كانوا يفترون، أي: يتخرصون من الأنداد والآلهة. و " ما " والفعل مصدر في موضع رفع بـ (ضَلَّ).

ثم قال تعالى: { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ }: أي: من ينزل من السماء الغيث، ومن خلق المصالح التي بها تم معاشكم: من شمس وريح، وحر وبرد. ومن الأرض والنبات، والعيون والمنافع.

{ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ }: أي: يملكها، ويزيد في قواها، أو يسلبكموها ومن يملك الأبصار أن تضيء لكم، أو يذهب بنورها. ومن يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي. قد تقدم ذكرها في آل عمران.

قوله: { وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ }: أي: " أمر السماء والأرض وما فيهن " { فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ }: أي: الذي فعل ذلك الله عز وجل فقل لهم يا محمد: { أَفَلاَ تَتَّقُونَ }: أي: " أفلا تخافون عقاب الله سبحانه على شرككم ".

{ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ }: وقف.

ثم قال تعالى: { فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ }: أي: ذلكم الله الذي فعل هذه الأشياء واخترعها هو { رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ }: أي: الذي لا شك فيه.

{ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ } (المعنى: أي: منزلة بعد الحق إلا الضلال. أي: من ترك الحق حل في الضلال).

{ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } أي: من أين تصرفون عن الحق، وأنتم مقرون بالله سبحانه مخترع جميع هذه الأشياء.

السابقالتالي
2