الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

قوله: { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } إلى قوله { خَالِدُونَ } والمعنى: للذين أحسنوا عبادة الله عز وجل في الدنيا الحسنى وهي الجنة، (وزيادة)، يعني: النظر إلى وجهه جل ذكره، روي ذلك (عن) عامر بن سعد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

وروى صهيب أن رسول الله قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار نادى منادٍ: يا أهل الجنة إنَّ لكم عند الله موعداً، يريد أن يُنْجِزَكُمُوهُ، فيقولون: ما هو؟ ألم يثقل الله موازيننا، ويبيّض وجوهنا، ويدخلنا الجنة، وينجنا من النار. فَيُكْشَفُ الحجاب، وينظرون إليه جلَّ ذكره. قال: فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من ذلك).

وهذا القول قول أبي موسى الأشعري، وحذيفة، قاله ابن أبي ليلى، وغيرهم: (إن الزيادة): النظر إلى وجه الله تعالى، وذكر كل واحد حديثاً (مثل) معنى الحديث المذكور عن النبي عليه السلام.

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب، وقاله النخعي.

وقال ابن عباس: الحسنى واحدة من الحسنات بواحدة، والزيادة: التضعيف إلى تمام العشرة على الواحدة. وهو مثل قوله:وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } [ق: 35]: أي: يزيده من فضله.

وقال الحسن: الزيادة هو المجازاة بالحسنة عشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف.

وقال مجاهد: الحسنة بحسنة، وزيادة مغفرة من الله ورضوان.

وقيل: الزيادة: ما أعطاهم الله عز وجل في الدنيا لا يحاسبهم به يوم القيامة.

وقال ابن سيرين في قوله تعالى:فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } [السجدة: 17]: إنه النظر إلى الله جلَّ ذكره.

وعن ابن عباس أيضاً: { أَحْسَنُواْ } قالوا: لا إله إلا الله، { ٱلْحُسْنَىٰ }: الجنة.

(وروى أبو موسى الأشعري أن النبي عليه السلام قال: إن الله عز وجل يبعث يوم القيامة منادياً ينادي أهل الجنة بصوت يسمع به أولهم وآخرهم: إن الله وعدكم الحسنى وزيادة. فالحسنى الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله.

وقوله: { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ }: أي لا تغشى وجوههم كآبة والقتر: الغبار وهو جمع قترة.

وقيل: هو الغبار الذي معه سواد، روي ذلك عن ابن عباس.

وقال ابن أبي ليلى: ولا يغشاهم ذلك بعد نظرهم إلى الله سبحانه: فهؤلاء الذين هذه صفتهم هم أصحاب الجنة، ماكثون فيها أبداً.

وقيل: الهاء في " فيها " للحسنى، وقيل: للزيادة، وقيل: للحسنى، والزيادة، والجنة.

ثم قال: { وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا }: (أي والذين عملوا السيئات في الدنيا جزاؤهم في الآخرة سيئة بمثلها) أي: عقاب من الله عز وجل على ذلك.

وقيل: المعنى: فله جزاء سيئة بمثلها كما قال: { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ }: أي: جزاء حسنة / بحسنة.

ثم قال: { وَزِيَادَةٌ } يريد تمام العشر(ة) على الواحدة.

السابقالتالي
2