الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } * { وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا ٱلْغَيْبُ للَّهِ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ } * { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِيۤ آيَاتِنَا قُلِ ٱللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَآءَهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } * { فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

قوله: { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ } إلى قوله: { مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ }

المعنى: ما كان الناس إلا أهل دين واحد، فافترقت بهم السبل.

{ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ (سَبَقَتْ) مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي: لولا أنه سبق في علمه ألا يهلك قوماً إلا بعد أن يملي لهم، فتنقضي آجالهم " { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ }: بأن يهلك أهل الباطل منهم، وينجي أهل الحق ".

قال مجاهد: كان الناس وقت آدم على دين واحدٍ، ثم اختلفوا إذ قتل أحد ابْنَيْ آدم أخاه.

وقيل: يراد بالناس هنا: العرب.

وقيل المعنى: إن كل مولود يولد على الفطرة، ثم يختلفون بعد ذلك.

والأُمة: على خمسة أوجه:

- الأُمة: " العُصْبة، والجماعة نحوأُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ } [المائدة: 66]

ونحو:وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ } [الأعراف: 159].

- والثاني: أن تكون بمعنى " الملة " ، نحو: { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً }. ومثله الحرف الذي في هذه السورة.

{ وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً }: أي: على ملة الإسلام، ومنه:وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً } [المؤمنون: 52]، ومنهوَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } [الشورى: 8]: أي: أهل ملة.

- والثالث: أن تكون بمعنى " السنين والحين " نحو:وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ } [هود: 8] ونحوهوَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ } [يوسف: 45].

والرابع: أن تكون الأُمة بمعنى " قوم " نحو قوله:أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ } [النحل: 92] أي: قوم أكرم من قوم. ومنهوَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً } [الحج: 34] أي قوم.

- والخامس: أن تكون الأُمة بمعنى " الإمام ". نحو قوله:

إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ } [النحل: 120] أي: إماماً، يقتدى به في الخير.

ثم أخبر عنهم تعالى فقال: { وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ } أي: يقول هؤلاء المشركون: هلا نزل عليه آية من ربه، يعلم بها أنه محقٌّ، صادق قال الله عز وجل: قل لهم يا محمد: { إِنَّمَا ٱلْغَيْبُ لِلَّهِ }: أي لا يعلم أحد، لو لم يفعل ذلك إلا هو، لأنه عالم الغيب.

{ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ }: أي: انتظروا قضاء الله سبحانه بيننا وبينكم، بتعجيل العقوبة للمبطل /، وإظهار الحق للمحق.

وقيل: المعنى: فانتظروا نصر الله المحق، وخذلانه المبطل. { إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ }: أي: إني معكم منتظر من المنتظرين. لذلك. قوله: { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً } إلى قوله { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } جواب إذا محذوف عند سيبويه. والتقدير: من بعد ضراء مستهم مكروا. والعرب تجتزئ بإذا في جواب الشرط عن " فعلتُ وفعلوا ".

والناس هنا: المشركون كما قال:إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } [العاديات: 6].

قال الحسن: هو المنافق، والمعنى وإذا أذقنا الكفار فرجاً من بعد كرب أصابهم، ورخاء بعد شدة أصابتهم { إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِيۤ آيَاتِنَا } قال مجاهد: " استهزاء، وتكذيب ".

السابقالتالي
2