الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } إلى قوله { ٱلْعَالَمِينَ }.

المعنى: إن الذين صدقوا الله ورسوله، وعملوا بطاعة الله { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } أي: يرشدهم بإيمانهم إلى الجنة.

وقال قتادة: بلغنا أن النبي عليه السلام، قال: " إن المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة حسنة يقول له: من أنت؟ فوالله إني لأراك امرأ صدق. فيقول (له): أنا عملك، فيكون له نوراً وقائداً إلى الجنة. والكافر بضد ذلك في الصورة ينطلق به عمله حتى يدخله النار ".

وقيل: المعنى يهديهم ربهم لدينه بإيمانهم به. أي: من أجل تصديقهم هَدَاهم.

قوله: { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ }.

أي: في بساتين قد نعّم الله فيها أهل / طاعته.

ومعنى { مِن تَحْتِهِمُ }: من دونهم وبين أيديهم، وليس هو أنها تجري (من) تحت ما هم عليه جلوس من أرض ونحوها. وهذا كما تقول: بلد كذا تحت بلد كذا. أي: بجوارها وبين أيديها. لا أنها تحتها: إحداهما فوق الأخرى. ومثل هذا قوله تعالى:قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } [مريم: 24]. ومعلوم أن السري ليس تحتها، إذ كان السري: الجدول، وإنما معناه: أنه جعله دونها، أي: بين يديها. ومن هذا ما حكى الله (عز وجل) لنا من قول فرعون:وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ } [الزخرف: 51] ومعلوم أن نيل مصر لم يكن تحته يجري، وهو عليه، وإنما كان (يجري) بجواره، وبين يديه ودونه.

ثم قال تعالى إخباراً عن أهل الجنة { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ }.

حكى سيبويه: الدعوى بمعنى الدعاء. فالمعنى دعاؤهم في الجنة: سبحانك اللهم.

قال ابن جريج: وإذا مر بهم الطير يشتهونه قالوا: سبحانك اللهم فيأتيهم الملك بما يشتهون فيسلم عليهم، فيردون عليه (السلام) فذلك قوله: { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ }. فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم، فذلك قوله تعالى: { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.

والتحية: البقاء. ومنه قوله: " التحيات لله " ، والتحية أيضاً: الملك، والتحية هي استقبال الرجل بالمُحَيَّا: وهو الوجه بما يسره من الكلام. وقيل: التحية في هذا بمعنى الحياة، أي: يُحيي بعضهم بعضاً.

إنهم يحيون ولا يموتون، ويسلمون من كل شيء يحذرون. والسلام بمعنى السلامة.

وقيل: { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } أي: تحيه بعضهم لبعض فيها سلام. أي: " سلمت وأمنت مما ابتلي به أهل النار ".

وقيل: المعنى إن الله (عز وجل) يحييهم بالسلام إكراماً منه (لهم).

وقال سفيان: إذا أرادوا الشيء قالوا: سبحانك اللهم، فيأتيهم ما دعو(ا) به: ومعنى { سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ }: تنزيهاً لك يا ألله مما أضاف إليك أهل الشرك من الكذب.

(وسئل النبي صلى الله عليه وسلم، عن: سبحان الله، فقال: مفسراً تنزيهاً (لله) عن السوء).

السابقالتالي
2